التحية الي الشعب السوداني بكل فئاته ونسأل الله ان يتقبل الشهداء ونعزي اسرهم فيهم ونطالب القضاء بالقصاص العاجل . ربما علم جميع السودانيين بقرار البنك المركزي صباح اليوم بتحرير سعر صرف الجنيه بالكامل لكن القليلين يعرفون ماذا يعني تحرير سعر الصرف ، تعويم سعر صرف الجنيه ، هو أسلوب في أدارة السياسة النقدية ، ومعناه أن يترك البنك المركزي سعر صرف عملة ما ومعادلتها مع عملات أخري ، يتحدد وفقا لقوي العرض والطلب في السوق النقدية ، وتختلف سياسات الحكومات حيال تعويم عملاتها تبعا لمستوي تحرر اقتصادها الوطني وكفاية أدائه ومرونة جهازها الانتاجي .
اعتقد انه سياسة التعويم نوعين ، الاول هو (( التعويم الحر )) ويعني أن يترك البنك المركزي سعر صرف العملة يتغير ويتحدد بحرية مع الزمن بحسب قوي السوق والعرض والطلب ويقتصر تدخل البنوك المركزية في هذه الحالة علي التأثير في سرعة تغير سعر الصرف وليس علي الحد من ذلك التغيير . وطبعا هذا النوع من التعويم يعتمد عليه في الدول الرأسمالية الصناعية المتقدمة ، مثل الدولار الامريكي والجنيه الاسترليني والفرنك السويسري ، ولا يكون مجديا ولا يمكن الاعتماد عليه في في حالتنا السودانية التي يعاني اقتصادنا العديد من الازمات ولم نتحول بعد الي دولة منتجة ترتفع صادراتها عن وارداتها .
والنوع الثاني من التعويم هو (( التعويم المدار )) ويقصد به ترك سعر الصرف يتحدد وفقا للعرض والطلب مع تدخل البنك المركزي كلما دعت الحاجة الي تعديل هذا السعر مقابل بقية العملات . وذلك استجابة لمجموعة من المؤشرات مثل مقدار الفجوة بين العرض والطلب في سوق الصرف ومستويات اسعار الصرف الفورية والاجلة ، والتطورات في اسواق سعر الصرف الموازية . وغالبا مايتم الاعتماد علي هذا النوع من التعويم ،، ويعني ذلك أنه في حال زيادة الطلب علي الدولار في سوق النقد الاجنبي ، فأن معدل سعر صرف الدولار يميل نحو الارتفاع ، وأذا ما انخفض الطلب علي الدولار فأن معدل سعر صرفه يميل الي الانخفاض ، ويعني ذلك ان معدل سعر صرف الدولار سوف يخضع الي موجات الطلب والعرض وترتفع وتنخفض وفقا لقاعدة العرض والطلب .
وتكون الحكومة ممثلة في البنك المركزي السوداني ، هي الجهه الوحيدة التي تقوم بتحديد سعر صرف الجنيه أمام العملات الاجنبية ، أو مايمكن تسميته بسعر الجنيه السوداني للحفاظ علي توازن الاقتصاد . وفي حالتنا هذه ومع تعويم الجنيه مقابل الدولار فأن المستهلك السوداني هو المتضرر الأول من ذلك ، حيث يستورد السودان أكثر من ٩٠٪ إجمالي أستهلاكنا من جميع السلع والمنتجات ، ومع قيام الحكومة بتعويم الجنية فأن ذلك سوف يتسبب في موجات صعبة من أرتفاعات الأسعار ، وسوف ترتفع معدلات التضخم إلي مستويات قياسية .
مع كل هذا فأني من وجهة نظري أري أن القرار صحيح ويحتوي علي خطة أصلاح أقتصادية ويمهد للحصول علي قروض ضخمة من صندوق النقد الدولي او اي من الصناديق ، لأن في الفترة الماضية والسنوات العجاف الفائتة أصبح السوق السوداني طارد للأستثمارات وسط انخفاض حاد للأحتياطي النقدي الأجنبي او بالأصح بات معدوما وتفاقم السوق السوداء للعملة ، فهذا قرار لا مفر منه وضروريا للغاية في هذا التوقيت ولن يكون في صالحنا تأخيره أكثر من ذلك بعد تردي كثير من الأوضاع سواء علي صعيد الأحتياطي النقدي أو الأستثمار الأجنبي . ولكن تكمن الخطورة اذا لم تتبع الحكومة هذه الخطوة أجراءات لدعم الأقتصاد التي تعزز الانتاج المحلي وزيادة الصادرات حتي ترتفع بصورة توصل الي ٤٠ ٪ علي الاقل وتساهم في زيادة تدفقات النقد الاجنبي الي السودان . وأجراءات خفض الفائدة المتتالي . وأن يصدق علي قانون الاستثمار بأسرع مايمكن وان يصطف السودانيين جميعا كالبنيان المرصوص ويوقفوا الاتجار في العملة ويدعموا خطوة الحكومة عبر التعامل البنكي فقط وتزداد الرقابة علي المصارف وتحديد حركة النقد والصرف من المصارف . ودعم المعدنين وتوفير مدخلات انتاجهم لان السودان قادر علي ان ينتج ٥٠٠ كيلو من الذهب يوميا وان يتم دعم المدخلات الزراعيةبأسرع مايمكن وفي خطوات سريعة ووضع البنية التحتية للثروة الحيوانية وأن تفتح الابواب علي مصرعيها للشركات الأجنبية وتذليل كل الأجراءات للمستثمر الأجنبي وأن تبتعد لجنة التمكين عن النظام المصرفي والتدخل في شئون المستثمرين حتي لايخاف المستثمرين من أن تنزع مشاريعهم كما يقال وينحصر عملهم في تفكيك النظام البائت ورموزه وتفعل كل القوانين التي تحمي المستثمر ليحس بالأمن والأمان ولكن اذا تأخرت هذه الأجراءات سيكون الانفجار كبيرا وضخما ولايحمل عقباه. الحل في الانتاج وهمة رجال الاعمال الرأسمالية وارجاع نقدهم الموجود بالبنوك المصرية والاماراتية وبنوك انجلترا فهي اكثر من ٢٠ مليار دولار وتحويلات المغتربين وأنشاء صندوق دعم السودان واطلاق المبادرات ،، يا أيها الرجال الوطن ينادي الوطن ينادي لا تضعوا في بالكم السياسة او نظام الحكم بل ضعوا معاناة اخوانكم من شعبكم خففوا عنهم في مثل هذه المواقف يبرز الرجال مكشرين عن انيابهم والله لا نتحتاج للمنح والذلة نحتاج الي الوطنية والغيرة للبلد وهذا التغيير والمدنية تستحق الصبر ولكم مني خالص التحايا..
عمر عثمان النمير .. رئيس مجلس ادارة فيض النعم المتحدة