السبت, 15 ديسمبر 2018 02:57 مساءً 0 319 0
استمرار ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية مع تدهور العملة الوطنية في السودان
استمرار ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية مع تدهور العملة الوطنية في السودان

بقلم: شاذلي عبد الله عمر

ظلت مسيرة الاقتصاد السوداني تعترضها مشكلات وظواهر مرضية مزمنة، غدا من الصَّعبِ علاجها أو السيطرة عليها، أو الحد من تفاقمها وانتشارها، وتقفُ على رأس هذه المشكلات أزمةُ الغذاء في البلاد، وظواهرُ التضخُّم النقدي والبطالة، وما فتئ منظرو الاقتصاد يسعون لإيجاد الوسائل والطرق الكفيلة للحدِّ من تفاقم أزمات البلاد الاقتصادية، والتي يخشى أن تخرج عن دائرة المراقبة والسيطرة بما يوحي في المستقبل بكوارث اقتصادية سيئة.
ويكاد يكون من العسير إيجادُ تعريف أو مفهوم واضح محدد لعدم استقرار الأسعار، كونه ظاهرة غير متجانسة وغير مستقرة، فأنواعه متعددة وأسبابه متنوعة.
ما يحدث الآن في البلاد هو ما يعرف بالتضخم ؛ وهو مفهوم يُستخدم للإشارة إلى الحالة الاقتصاديّة، والتي تتأثر بارتفاع أسعار السلع والخدمات، مع حدوث انخفاض في القدرة الشرائيّة المرتبطة بسعر صرف العملة، والتي تؤثر في قطاع الأعمال؛ وتحديداً في الشركات الصناعيّة والخدميّة، ويُعرف أيضاً بأنّه الزيادة العامة المستمرة في أغلب قيم الأسعار، ويرافقها تأثير في قيمة النقود المتداولة، ممّا يؤدّي إلى انخفاض في قيمتها الفعليّة.
مرض هولندي
للحديث عن العوامل التي تتحكم في الأسعار في البلاد لابد من الرجوع لأسبابها التاريخية وهي أسباب تعود للمرض الهولندي الذي أصاب الاقتصاد السوداني بسبب فقدانه 70% من موارده التي تعتبر العمود الفقري للميزان التجاري، بفقدانها حدث خلل كبير في توازن ميزان المدفوعات أي (الواردات تفوق الصادرات بنحو 4 مليارات دولار) وهذا بدوره يؤثر على شح النقد الأجنبي وبالتالي أسعار عناصر الإنتاج مما يجعل الأسعار تشتعل في وجه المواطن)، ومن السرد أعلاه هذا ما يعرف بالتضخم. التضخم المفرط: هو التضخّم الذي يحدث عند الانتقال من قطاع اقتصادي حالي، إلى قطاع اقتصادي جديد، وقد يحدث أحياناً نتيجة للحروب؛ (الانفصال)  (من القطاع النفطي إلى قطاع بديل) لذلك يُعتبر من أصعب أنواع التضخّم، وأكثرها سلبيّة على المجتمعات.
ميزانية كارثية
من المسلمات الاقتصادية لارتفاع الأسعار في البلاد هي نتيجة غياب أكثر من 40% من المصانع الإنتاجية عن النشاط الاقتصادي، وهذا كان سبباً كافياً في عدم وجود بديل لصادرات النفط وارتفاع الطلب على النقد الأجنبي من أجل استيراد السلع الاستهلاكية من الخارج وغيرها من المواد الضرورية للمواطن  مواد نظافة ، ولا ننسى الوقود بأنواعه المختلفة، كلها تؤدي بصورة طبيعية إلى ما يعرف التضخم المستورد: هو التضخّم الذي ينتج عن تأثير ارتفاع أسعار السلع التي يتم استيرادها، والتي تؤدّي لاحقاً إلى رفع أسعار السلع المحليّة.
توقف القطاعات الرئيسة عن الإنتاج جعل ميزانية العام 2018 كارثية كما وصفت في ظل غياب مصادر دخل قومي مقابل زيادة معدلات النمو السكاني و الترهل في الإنفاق غير المنتج  (المناصب الدستورية)؛ الإنفاق المدمر (الحروب) مقابل الإنفاق المنتج. وهذا يعني أن الحد الأدنى للأجور في البلاد حالياً يغطي 6.3 في المائة فقط من احتياجات أسرة تتكون من 5 أفراد في ظل ارتفاع الأسعار. وحددت الدراسة تكلفة المعيشة في الحد الأدنى بـ5900 جنيه سوداني، وذلك قبل اشتعال الأسعار الأخير وفقاً لدراسة حديثة أعدها مكتب النقابات المركزي التابع للحزب الشيوعي السوداني العام الماضي، بأن الحد الأدنى للأجور في السودان 625 جنيهاً شهرياً ـ زهاء 22 دولاراً بسعر الدولار الرسمي، أو 17 بسعر السوق الموازية.
انفلات الدولار
ووفقاً لتلك الدراسة، فإن الحد الأدنى للدخول يغطي فقط نسبة 7.3 في المائة من حاجة الأسرة المتوسطة، ولا يشمل ذلك  الصيانة، والأثاث، والاتصالات، ومصاريف الأعياد، أو الملابس، أو العلاج، وغيرها .
فلنتخيل في ظل انفلات أسعار الدولار التي تجاوزت حاجز الـ 50 جنيهاً كيف تكون الأوضاع المعيشية لمحدودي الدخل  في الوقت الذي ارتفع فيه معدل التضخم بنسبة 68%. هذا ينعكس سلباً على الدخل بنفس النسبة.
وبحسب الدراسة المعدة وفقاً لميزانية العام 2017، فإن كلفة معيشة أسرة مكونة من خمسة أفراد  أب وأم وثلاثة أبناء ، تبلغ 5900 جنيه شهرياً، في وقت يبلغ فيه الحد الأدنى للدخول 625 جنيهاً. (الشرق الأوسط عدد  الأحد - 13 شهر رمضان 1439 هـ - 27 مايو 2018 م، العدد رقم [ 14425]
النتائج ماثلة أمامنا نسبة للأسباب التي ذكرت آنفاً، وهناك أسباب أخرى تتمثل في طباعة النقود وعدم دعم الطلب عبر الإنفاق الحكومي وضعف السياسة النقدية التي جعلت البنوك مضحكة للعملاء، في ظل كل هذا لابد من تجديد الأمل بصورة مدروسة، وتمنياتنا اتخاذ قرارات جديدة وجريئة  لإنقاذ ما تبقى وإعادة الحياة الاقتصادية لمسارها الطبيعي وتحسين معاش الناس.

 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق

أخبار مشابهة