السبت, 12 يناير 2019 03:51 مساءً 0 312 0
نحو أفق اقتصادي
نحو أفق اقتصادي

كبد الحقائق الاقتصادية

معالجة جذور الأزمة الاقتصادية تتطلب أن تكون هنالك نظرة شاملة للوضع الراهن، فالمشكلة أصلاً سياسية ترتبط بالمستوى الخارجي وعلاقات السودان بمحيطه الإقليمي والدولي، خاصة أن السودان تعرض لحصار اقتصادي تشكلت انعكاساته السالبة في وقف حصول السودان على حقوقه الاقتصادية في المؤسسات الدولية منذ أن أصدر الرئيس الأمريكي بل كلنتون قراره بفرض الحظر الاقتصادي على السودان مروراً بالخطوة (ب) التي وضعت فيها واشنطن سياساتها نحو وقف التعاملات المالية والتجارية ووقف التحويلات المالية عبر البنوك، الأمر الذي قاد لعمليات تعثر كبيرة في التحويلات المالية والبنكية وأدى لمشكلات كبيرة في قطاع البنوك السودانية ودخول وسطاء ولاعبين دوليين لأن السودان أصبح لا يقدر على إجراء التعديلات والتعاملات المالية والبنكية دون وسطاء وهذا ما قاد لمشكلات شح العملات الصعبة، وجاءت عاصفة التعثر المصرفي أو ما عرف بـ(الجوكية) الذين نهبوا أموال البنوك باستغلال الثغرات الموجودة في قوانين الشركات والأعمال التجارية وما عرف آنذاك بالواجهات المالية والاقتصادية الكاذبة والوزير الخفير. التعثر المصرفي كان من ضمن المشكلات الكبيرة التي أدت لاهتزاز الثقة في النظام المالي والمصرفي وهدر الأموال الطائلة. أضف إلى ذلك انفصال الجنوب وذهاب إيرادات البترول التي كانت تعتمد عليها الموازنة 10 سنوات كاملة.
وقد أشار رئيس الوزراء وزير المالية معتز موسى لهذه الحقيقة عندما أشار في لقاء تلفزيوني إلى أن السودان ظل يعاني مشكلات اقتصادية متواصلة منذ عهود وعقود طويلة بسبب مشكلات في عدم توظيف الثروات الضخمة التي يتمتع بها السودان، فالسودان يمتلك أكثر من 100 من المحاصيل الزراعية الجاهزة للتصدير للأسواق العالمية والتي لها القدرة على المنافسة في الأسواق العالمية لتعود في شكل إيرادات لخزينة الدولة بالعملات الحرة، لكن السودان ظل لا يصدر سوى ثلاثة أو أربعة من المحاصيل للأسواق الخارجية. أيضاً من ضمن المشكلات الكبيرة التي أرهقت المواطن التمدد الرأسي والأفقي في جهاز الدولة بدءاً من تشكيل الحكومة المركزية بوزرائها ووزراء الدولة والمستشارون و(26) والياً.
حكومات الولايات والمجالس التشريعية القومية ومجلس الولايات والمجالس التشريعية بالولايات والترضيات السياسية كلها أثرت على الميزانية العامة التي عجزت عن سد الفرقة بعد ذهاب 75% من إيرادات الدولة بموجب انفصال الجنوب الأمر الذي قاد للتدهور الاقتصادي والانخفاض المتواصل للجنيه أمام الدولار الذي وصل في السوق الموازي في الفترة الأخيرة إلى 85 جنيهاً تقريباً ما أدى لارتفاع جنوني في أسعار السلع.
أزمة الخبز والمواد البترولية هي أزمات ستتكرر إذا لم تقم الدولة بإصلاحات هيكلية أو ما ظل يردده دعاة الإصلاح بأن أنصار الحكومة يجب أن يكونوا أول من يضحي وآخر من يستفيد.
الواقع يشير إلى أن تداول السلطة والثروة قرابة 30 عاماً وسط مجموعات محددة أدى لضياع جيل كامل من الشباب هم وقود الاحتجاجات، وقد أشار لهذه الحقيقة النائب الأول لرئيس الجمهورية الأسبق علي عثمان محمد طه لدى مخاطبته في البحر الأحمر أنصار حزبه بأن الاحتجاجات وراؤها الشباب، وهم جيل جديد بحثوا عن الوظيفة فلم يجدوها، ويجب أن نخاطب هذا الجيل الشبابي ونعالج قضاياه حتى لا يكونوا مدفوعين من جهات للخروج على الدولة من أجل تحسين أوضاعهم، وهنا أصاب طه كبد الحقيقة.

 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق