الثلاثاء, 12 فبراير 2019 04:26 مساءً 0 222 0
أجراس فجاج الأرض
أجراس  فجاج الأرض

أمننا بين أرخبيل وخليج

ومن يجرؤ ؟
الأمن إحساس دافق وغامر يغطى مساحات الخوف دون أن يملأ الدنيا ويشغل الناس،عشت ذات الإحساس بالأرخبيل الأندونيسى الخلاب،زرته غير مرة، أولاها طرت لهناك بعد نحو عشرين ساعة ويزيد، تبددت  أرضا كل مخاوفى التى إعترتني جوا بين طيات السماء ووحشتها العُلوية لما هبطت وحيدا مطار جاكرتا ومنها بالقطار لباندونق أفريقيا وآسيا، تطير  هناك  من جزيرة لجزيرة فى الأرخبيل الساحر أو نادرا برا تتنقل والإحساس بالأمن يكسوك كما الخضرة تندس فى وبين فضاءات فجاج أرضين الجزر الإندونيسية، كان ذلك قبل نحو عشرين سنة ولم أضبط آليات نظامية ولا أفرادها في شارع عام الا حماية دستورية فى موقع واحد يجانب تجمعُهُ السوية والطبيعة والرغبة والإشتهاء البشرى، لا أذكر زيا ولا لونا لقوة نظامية وأمنية هناك وقد سحت مهوما ومحلقا حتى جوجاكارتا القديمة،حالة من الدعة والهدوء والراحة والطمأنينة للإحساس الدافق بالأمن الذى لا يجرؤ مواطن هناك أو مقيم أو زائر  على خرق وهتك قدسيته وعذريته وإلا فليشل شيلاته. وكما ذات الإحساس بالأمن الإندونيسى، كان إحساسى فى دولة خليجية دون أثر للأجهزة الأمنية والنظامية،حدثتنى سودانية مستوطنة هناك بالزواج من خليجي فى هذه البلاد إن تلقيت إتصالا إستدعاء من جهاز أمنى أو نظامى عليك أن تبدأ بالركض لدورة المياه حتى اللقاء وبعدها إما تواصل الركض أو إنقطع بانتفاء السبب، جالست نفرا من أبناء جاليتنا بالصين على دعوة عشاء بالخرطوم تنم عن كرمهم ومدى الحميمية بينهم، عشاؤهم الفخيم إحتفاء بعريس بينهم يقيم شرع الله معددا وقد من عليه بالبسطتين، ضاحكتهم لغياب زوجات الموحدين، وجدتهم بعريسهم بسودانيتهم مهمومين بحالة بلادهم، على بكرة أبيهم الصينية يؤمنون على ضرورة الحفاظ على الأمن دون تفريط فى حقوق المتظاهرين المشروعة ،يعيبون على أمننا وجود مختلف أجهزته فى الشارع بكثافة توقا للحالة الصينية المشابهة للحالتين الأرخبيلية والخليجية تلك،حدثنى العريس ولسان حاله حال ذات مستوطنتنا خليجيا، أن الأمن الصينى متى أرادك تواصل معك وإن دعت الحالة يستدعيك هاتفيا ولا عذر ولامناص لمن تخلف فى عصر الحكومة الإلكترونية،أبناء الجالية ليسوا غرباء ويعلمون الحال والمآل ويتمنون لبلدهم الإستقرار حتى تفارق أجهزته الأمنية حالة الوجود الملموس الذى تفرضه طبيعة الأوضاع التى يتفقون على ضرورة تغييرها الحتمى بقيام دولة سودانية قوام حكمها وأجهزتها شبابها البُسل.
ليست فزاعة
ليس أهلا ولا سهلا الدعوة لإسقاط الأجهزة الأمنية برمتها وقضها وقضيضها مجتمعة أو منفردة لإرتكاب متهمين منسوبين لها حماقات أو إختراقات أو إنتهاكات لحقوق الإنسان كما حدث فى تصديها للتظاهرات الحالية،وبالضرورة الأجهزة الأمنية فى الحالة السودانية الخاصة من لدن إستقلالنا، حارسة للنظام السياسى القائم تدافع عنه ترفع له التمام حتى يبدو عاجزا غير قادر على تحمل مسؤولية البلاد والعباد، لتبدى إستعدادا لرفع التمام لمن يتصدى بديلا بإمرة وإجماع الناس، وطبيعى أن تخضع أجهزة الدولة حال وقوع التغيير لمراجعة شاملة خاصة للأجهزة الأمنية دون المساس بقوامها وجوهر نسيجها، فما أضاع ديمقراطية الإمام الصادق المهدي الثالثة، إلا التسرع بحل جهاز الأمن الذى كان يُنعت إحتقارا بجهاز أمن نميرى لتثبت الأيام أنه كان جهاز أمن ومخابرات السودان ولكن بعد فوات الأوان أقر السياسيون المتعجلون متحزمين بشرعية الإنتفاضة،الآن الأجهزة النظامية والأمنية تتصدى للتظاهرات مثلها مثل أجهزةٍ سلفت وإن كانت وضعيتها أشد تعقيدا ومهمتها أكثر صعوبة لحراستها للحالة الأمنية فى ظل نظام سياسى يتظاهر الناس ضده كما لم يتظاهر من هم قبلهم وهذا مما وضع هذه الأجهزة تحت ضغط رهيب، وهى الآن تنفى جملة ما ينسب إليها من مخالفات وانتهاكات وتعترف متى ما توفرت الأدلة والشواهد لتوجيه الإتهامات، فها هو جهاز الأمن والمخابرات الوطنى لا يقف متفرجا إزاء قضية ملابسات وفاة معلم خشم القربة العنوان الأبرز لانتهاكات متهمين منسوبين للجهاز تم التحفظ عليهم ولم تقف قيادتهم مكتوفة الأيدى بل أطلقت تصريحات راقت لمن راقت ولم ترق لدعاة تسقط بس المتشككين فى كل ما يلى النظام ويجئ من جهته ولو كان كسياحتى هذه المنحازة لأمن واستقرار الوطن ولكنها ستقرأ أنها واردة فى صحف النظام وليست صادرة فى ظله صدورا محكوما ومحتوما، ولكن الحتمية لا تبلغ اللعب بأمن واستقرار الوطن ولا محاباة الجهاز عمال على بطال، فالجهاز نفسه قوانينه ولوائحه فيها الحساب من جنس العمل وكذا العقاب، وما الجهاز الا مجموعة بشر كالأجهزة الأخرى يخطئون هنا ويصيبون هناك على النحو الحاصل الآن،ولا يمكن خروجا ولو بدا للناس جمعياً عن النص، يرقى لكشف البلد أمنيا وهى محاطة بمخاطر ذكرها ليس فزاعة إنما حقيقة ،لا غنى لأي تغيير مفاجئ أو متدرج عن أى جهاز أمنى ونظامي، وحتى نبلغ مستوى بلدانٍ ضربنا ببعضها أمثلة، الأمن فيها وقد استقرت على أنظمة سياسية كلٌ بخصوصيته، إحساس وليس آليات وقوات تخرج للشوارع اضطرارا بات الأصل لدينا بينما يجب أن يكون فرعا بل تلاشٍ،علينا أن نكون واقعيين ونعزز الإيجابيات ونفضح الخروقات والسلبيات بمعزل، الإيجابيات أن قيادة الجهاز الآن متحفزة للقيام بواجبها حيال قضية المعلم الأسيفة والعلامة الفارقة، وحال إستقرارنا على نظام سياسي بتسقط بس أو تقعد بس أو خليط بينهما أو أية آلية أخرى،علينا الإبتداء بدولة أمنها إحساس إستدعاء أجهزتها بالإتصالات بمختلف سبلها، لكن براهننا الذي لن يتبدل بين ليلة وضحاها، لا مناص من وجود كافة الأجهزة النظامية بهيئتها العامة مع إخضاعها لمراجعات وجراحات عميقة توطئة لإراحتها ومنسوبيها من خطل وتعقيد حاضرنا الذي يتطلب تغييرا أساسه الإنسان، وإنساننا كما برهنت التظاهرات لازال بخير.

 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق

أخبار مشابهة