السبت, 16 فبراير 2019 04:04 مساءً 0 304 0
حول رواية (مزرعة الحيوان)
حول رواية (مزرعة الحيوان)

ترجمة : محمد الضبع

هذه رسالة حقيقية بعثت بها طالبة أمريكية تدعى “ديفي آتشاريا” لجورج أورويل ضمن مسابقة تنظمها مكتبة الكونجرس الأمريكية مرة كل عام لأقلام الشباب لمخاطبة كبار الكُتَّاب إن كانوا موتى أو كانوا على قيد الحياة.

أحسست بأن ثمة تشابه بين الجو العام الذي تحكي عنه وصاغت بموجبه تلك الرسالة وبين واقع قاس ومرير نحسه بل ونعيشه من حولنا في هذه الأيام:

(إن الواقع المرير الذي نخافه ونشمئز منه يلتف حولنا دون أن نشعر. وقريباً لن تبقى سوى قلعة واحدة، سوى معقل أخير لم يحطم كل أمل للحب أو العاطفة الإنسانية، ويسجن داخله كل مواطن بشري بسلاسل القانون دون مبالاة.

قرأت روايتك “مزرعة الحيوان” عندما كنت صغيرة – لم أفهمها حينها. كنت أظنها مجرد حكاية مسلية. في كل يوم أرى فيه القمع على شاشات الأخبار في الشوارع، وفي منزل. في كل يوم أرى فيه المستضعفين وهم يحاولون إسقاط حكامهم. لقد كنت أشبه بالعمياء في السابق، ولكنني تداركت ما فاتني وعُدت للتأمل.

ثم ظهرت روايتك “1984” وكانت المفتاح الذي أدار القفل في عقلي، وسمح ليَّ باكتشاف الحقيقة، بالعثور على الحذر الذي كنت بحاجة إليه. رأيت أوجه القساوسة في أحقر البشر، رأيتُ النفاق، رأيت خطط للتخويف، شركات الدعاية الكبرى، ورأيت الجنون. رأيت الألم، رأيت الإرهاب الحقيقي كما هو، ورأيت الأكثر هولاً منه، والأكثر إماتة ورعباً.

والآن ماذا سأجد؟ طائرات تحوم دون طيارين حول المنطقة. هواتف ترصد كل حركة، محادثات مسجلة للبحث عن أدنى شبهة. ورغم كل هذا يبدو أن الجميع يشعر بالرضا! الفضائح تنتشر فجأة، وتختفي فجأة. أصبحنا نحلم بالعيش في عصر يسيطر عليه الأبطال الخارقون والرجال أصحاب المسدسات والأسلحة، ليوقفوا كل هذا الدمار في لمح البصر.

أنا يا سيدي، لا أؤمن بفساد كل عناصر المجتمع، ولا أعتقد أن علينا محوها وتحطيمها. أنا أحب هذا العالم، وأريد حمايته. أنا أقول (كما كنت تقول دائماً) على البشر أن يحذروا ويراقبوا عالمهم بدلاً من الإنشغال في أداء واجباتهم وإفراغ متعهم فقط. وهذا ما دفعني لكتابة رسالتي إليك- لأقول لك (للمرة الأخيرة) إنك كنت على حق. كنت على حق عندما كتبت مؤلفاتك، على حق عندما فعلت كل ما فعلت لجعل العالم مكاناً أفضل.

وهاأنا أبدأ أولى خطواتي في عالم الكتابة، وأصف العالم من حولي كما كنت تفعل.

إنك ملهمي، وكلماتك سيتردد صداها في هذا العالم لقرون قادمة).

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق