الثلاثاء, 26 فبراير 2019 02:45 مساءً 0 313 0
خبراء يتناولون الآثار المترتبة على حالة الطوارئ بالبلاد أمنياً وسياسياً واقتصادياً
خبراء يتناولون الآثار المترتبة على حالة الطوارئ بالبلاد أمنياً وسياسياً واقتصادياً

تقرير : الرشيد أحمد
الطواريء هي الحالة التي يعلق فيها القانون الطبيعي وبعض مواد الدستور ، وقانون الطواريء للعام 1997م كان واضحاً منح الرئيس الحق بإعلان الطواريء بالبلاد وبعد التشاور مع البرلمان ، في حالات الحرب والكوارث الطبيعية أو الأوبئة و التهديد للسلامة  العامة أو الأمن القومي .
تاريخيا أعلنت الطواريء إبان حكم  جعفر نميري بعد صراعه مع القضاء والعدالة وعند حدوث انتفاضة أبريل كانت البلاد في حالة طوارئ .
وكما هو معلوم فإنه بعد الانقلاب يعلن الطواريء ويعلق  القانون الطبيعي وتحل المؤسسات الدستورية التشريعية وتؤول السلطات التنفيذية والتشريعية لمجلس الثورة والبلد  عملياً تدخل في طوارئ وتقيد حتى الحريات العادية مثل الانتقال وحظر التجول وخلافه.
ونجد أن أشهر حالات الطواريء كانت في العام 1999م إبان مفاصلة الإسلاميين لفسطاطين بسبب  الخلاف الشهير بين مجموعة « القصر والمنشية « حول بعض القضايا مثل انتخاب الوالي وتعيين رئيس مجلس الوزراء وبعض قضايا الفساد التي كان يحقق فيها البرلمان وقتها مثل قضية المحاليل الهندية وغيرها واستفحل الخلاف بين المجلس الوطني والرئيس كنتيجة  لتمرير هذه القوانين ، بعدها أعلن الرئيس حالة الطواريء وبموجبها حل المجلس الوطني وجمد بعدها الحزب المؤتمر الوطني وهذه الإجراءات دفعت الأمين العام للوطني آنذاك الدكتور حسن الترابي لتكوين حزب جديد أطلق عليه اسم المؤتمر الوطني الشعبي وقتها .
وقبل أيام وتحديداً مساء الجمعة الماضية أعلن السيد رئيس الجمهورية في خطاب عدة إجراءات منها حل الحكومة الحالية وحكومات الولايات وإعلان حالة الطواريء بالبلاد لمدة عام ، وجاءت هذه القرارات إثر الاحتجاجات الأخيرة في البلاد.
وعلى ذات السياق عقد مركز الخرطوم للإعلام الالكتروني عبر منبره الدوري ندوة حول « قراءة في قانون الطواريء « قدمها عدد من القانونيين والسياسيين .
مشروعية القانون
المستشار القانوني الدكتور صالح محمد عبدالرحمن قدم في بداية حديثه شرح مبسط وقانوني لإعلان الطواريء   حيث قال أن أوربا قديماً كانت عبارة عن إقطاعيات ، وكان لابد لها من سلطة لذا قاموا بإنشاء قانون يحمي هذه الإقطاعيات في تلك الفترة  وشرح صالح أن   الحريات تحمى بالسلطة وأنها لا يمكن أن تقيد لأنها على حسب رأيه يمكن أن تخلق فوضى ، ولذا كانت الحاجة لسلطة الدولة لهذه الحريات وجاء القانون وحددها وهو لتنظيم السلطة ويعني المشروعية.
وبين صالح أن الحريات منصوص عليها في الدستور الحالي وكان ينص على نظام الحماية نفسه ، للسند الذي ترجع إليه الدول لحماية نفسها ، ورأى أن يكون هذا عبر الدستور وأوضح أنه موجود كمواد للدستور الإنتقالي للعام 2005م ، مضيفاً أن من حق سلطات رئيس الجمهورية فرض حالة الطواريء بالبلاد وإعلان الحرب وذلك بالمواد «( 2210/ 212 ) إذ كان هنالك خطر يتهدد البلاد على الرئيس إعلان حالة الطواريء ومن ثم إعلان البرلمان خلال خمسة عشر يوم ليقرر فيها ، الإبقاء عليها أو إلغائها ، وإن كان غير منعقد طلب منه الإنعقاد .
وقال أن الطواريء فيها قوانين استثنائية والدستور فيه العموميات وتنتهي القوانين بالدستور ، وتستمر حالة الطواريء التي أعلنها الرئيس لمدة 30يوماً ، وإذا أيدتها الهيئة التشريعية القومية تصبح نافذة.
وأشار إلى أن قانون الطواريء يعطي مساحة تفصيلية ويفسرها بوضوح كل الدساتير السابقة في البلاد ونصت على الطواريء ، وفي دول العالم هذا الإجراء موجود لحماية الدول .
حالات فرضت الطوارئ
وقال صالح أن الطواريء فرضت في البلاد عدة مرات منها في العام 1956م وإمتدت لستة أشهر وثمانية أيام ، وأضاف أنها في العام 1958م فرضت لمدة خمسة سنوات ، وفي العام 1973 م فرضت دون تحديد أمد لها ، وفي العام 1978م فرضت في كافة أنحاء البلاد لمدة سنة وعدلت لستة أشهر ، وكذلك فرضت في العام 1988م لعدة أشهر ، وفي العام 1999م فرضت الطواريء في البلاد إثر الإنشقاق الشهير الذي حدث بين الإسلاميين ، وآخرها هذه التي أعلنها السيد رئيس الجمهورية في الأسبوع المنصرم .
وبين أن قانون الطواريء يفصل ما ورد مجملاً في الدستور ، وهو يظل ساري لم يلغى بقانون آخر جديد ، وذكر أن الدستور حدد حالة إعلان الطواريء وإعلانها في المادة الرابعة منه ، ويصدر عبر السيد رئيس الجمهورية ، ويمكن أن يصدر في ولاية ما أو حالة محددة.
وأوضح صالح أن الأصل مشروعية العمل سواء كان من قبل الحكم أو الفرد وهو مشاع ومتاح .
حالة إستثنائية
الخبير القانوني الدكتور مجدي سرحان بين أن قانون الطواريء مستحدث وهو ليس بتأريخ ، قائلاً أن دستور 1998م أقر القانون الذي سن في العام 1997م ، مضيفاً أنه من القوانين التي يتيح في تشريعها ما يحدث في كل القوانين ،وأنه لا يكون إلا عبر رئيس الجمهورية ، وأنه لا يمنع الرأي والرأي الأخر بمعنى في حدود الحريات المنظمة.
ونبه سرحان إلى أن البلاد تمر بأزمات ، منها الأزمة الإقتصادية الفادحة ، كما رحب بإعلان حالة الطواريء التي أعلنها الرئيس وقال أن القتل حدث في التظاهر الأخير ولا يمكن أن يرتفع عدد من مات ، وقال أن السوق به تجار جشعين وأسعاهم زائدة يوم إثر آخر ، وقال أن القانون ليس استثنائي لأنه يدعو لتطبيق القانون وفي جزء جنائي .  
وقال أن الهيئة التشريعية القومية سيعرض عليها القانون لتوافق عليه وإن لم تفعل ذلك يمكن أن تتعرض البلاد للتفتيت ، ولافتاً لوجود الفوضى التي قال أنها مستمرة ، حيث كسرت العربات والخسائر ستكثر.
وبين أن الطواريء مسألة إستنثائية وهنالك حالة للطواريء جامدة وأخرى مرنة ، لافتاً إلى أن إعلان الرئيس للطواريء الأخير كان مرناً جداً ، وتعيينه للولاة من قبل العسكريين كان لأمور محددة جداً ليقوموا بتكاليف موضوعة لهم بصورة واضحة ، وقال أن العسكريين يمتازون بالضبط والتنفيذ للأوامر .
وقال سرحان إن إعلان الطواريء لم يوقف الصحافة ولم يحدد زمن لحركة الناس ، مضيفاً أنها تتفق مع الفقه الإسلامي ومع كثير من ما يجري في دول العالم ، وتوقع زوالها مع زوال أسبابها وظروفها ، ثم تساءل هل هذه الحالة منعت الأحزاب من ممارسة نشاطها ، مجيباً بالنفي ومؤكداً على إتاحة الحريات بالبلاد.
الوضع الإقتصادي
الخبير والمحلل الإقتصادي الدكتور عادل عبدالعزيز الفكي قال في حديثه أنه سيتناول حالة فرض الطواريء من ما يليه وهو الإقتصاد وقال أن فرضه بالبلاد يستهدف بسط الأمن وركائزه كثيرة ، وكيف يمكن أن يخدم إعلان الطواريء إقتصاد البلاد ، وقال أن الإقتصاد يتأثر بنقص إيرادات الدولة وله أساب عدة منها ضعف التحصيل والضريبي والذي قال أنها يعادل 8% من الناتج المحلي وإعتبرها نسبة قليلة ، وقال أنه في الدول الأقل نمواً حوالى 24% ، وقد تزيد عن ال5% في بعض الدول ، وعزا الفكي هذا الضعف ناتج عن التهرب الضريبي ، وقال أن إجراءات الطواريء الأخيرة يمكن أن تساعد فيه بإجبار المتهربين لدفع ما عليهم من ضرائب ، وأضاف أن الأمر الآخر هو التجنيب ووضع الإيرادات جانباً ، وتوقع بإجراءات الطواريء وتعيين ولاة عسكريين أن انحساره  وزيادة الإيرادات ، وقال أن الإنفاق العام للأشياء ليست ضرورية وغير مبررة مثل السفر ، وشراء العربات والإحتفالات التي تقام وكلها قال أنها بلا مردود على الدخل العام للبلاد وقال أنها يجب أن توقف ، كذلك قال أن من المؤثرات على أداء الإقتصاد عدم ضبط الدعم المقدم لبعض السلع مثل الخبز والمحروقات والدواء ، حيث أوضح أن الدعم يذهب لغير مستحقيه مثل الأجانب وعدها إحدى الخسائر الكبيرة في الإقتصاد السوداني .
وتناول الفكي مهددات إقتصاد البلاد والتي قال منها الخلل في الإقتصاد الخارجي للدولة وذكر عدة عناصر منه مثل الضعف في تحصيل عوائد الصادر وعدم ضبط الإستيراد وزيادة الإستهلاك وكبر حجم الإستيراد   حتى في الأشياء الكمالية ، مضيفاً أن الأمر الآخر هو الدين الخارجي الذي قال أنها تجاوز الخمسين مليار دولار وإعتبره رقم كبير جداً ، وأيضاً المضاربات وأن غالب الإقتصاد أصبح يقوم على عليه وتحديداً في العملات الحرة والمحلية.   
وشدد الفكي على أن الطواريء التي أعلنت يجب أن تعمل على منع كل هذه الممارسات السالبة وتوقفها وتحديداً المضاربة في السلع ، قائلاً أنه يوجد بعض التجار يقومون بتخزينها وإحتكارها ومن ثم بيعها بأسعار أعلى ، ورأى أن الطواريء يمكنها الحد من هذه الأفعال ، كذلك أشار لضعف الثقة في النظام المصرفي ، حيث قال أنه عبر لوائح وإجراءات عبر الطواريء يمكن معالجة مثل هذه الإشكالات وأيضاً المعاملات المصرفية الغير سلمية والتجارة في خطابات الضمان وتحويل التمويل لغير أغراضه وضعف مساندة الدولة للمنتجين والإنتاج ، ونقاط التحصيل على الطرق ، وذكر أن هذا الوضع الذي أعلن فيه الطواريء هو جديد وجيء بحكام جدد ، وتتوقع الفكي أن تزال كل هذه الممارسات السالبة        

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق