الأحد, 03 مارس 2019 02:04 مساءً 0 424 0
ثلاث قصص قصيرة للكاتب التشيكي فرانز كافكا
ثلاث قصص قصيرة للكاتب التشيكي فرانز كافكا

ترجمة: محمد عيد إبراهيم

زمالة
كنا خمسة أصحاب، ذات يوم خرجنا من منزل واحداً بعد آخر، جاء الأول وأراح نفسه جنب البوابة، ثم جاء الثاني وأراح نفسه جنب الأول، بعدها جاء الثالث فالرابع فالخامس. وقفنا أخيراً كلّنا في صفّ. بدأ الناس يلحظوننا، أشاروا علينا وقالوا: هؤلاء الخمسة خرجوا تواً من ذلك المنزل. من حينها ونحن نعيش معاً، ستكون حياتنا آمنة لولا ذلك السادس الذي يسعى باستمرار للتطفّل علينا. لم يسبّب لنا أيّ أذىً، لكنه يضايقنا، وذلك هو حدّ الأذى، فلماذا يتطفّل عنوة في حين أنه غير مرغوب؟ إننا لا نعرفه، ولا نريد منه الانضمام إلى جماعتنا. هناك وقت، بالطبع، لم يكن أحدنا الخمسة يعرف الآخر جيداً، ويمكن القول أيضاً إن أحدنا لم يكن يعرف الآخر بالمرة، لكن الممكن والمحتمل من قبلنا نحن الخمسة ليس ممكناً ولا محتملاً مع ذلك السادس. على أية حال، نحن خمسة، ولا نريد أن نكون ستة. فما الغاية من كوننا باستمرار معاً كيفما اتّفق؟ إنها حماقة خمستنا، لكننا معاً هنا وسنظلّ معاً، كرابطةٍ جديدة، مع ذلك لا نريد ذلك الآخر، فقط بسبب تجاربنا. لكن أنّى لنا أن نوضّح هذا للسادس؟ إن التفسيرات الطويلة تعدل قبوله في حلقتنا، فنفضل ألاّ نفسّر له حتى لا نقبله. وعموما، كلّما أقحم أنفه دفعناه بعيداً بمرافقنا، لكن كلّما دفعناه أكثر ليبتعد يرتد عائداً.
في الأمثال
اشتكى كثيرون أن أمثال الحكماء لم تعد غير مجرّد أمثال، ولا تُرجى منها فائدة في حياتنا اليومية، الحياة الوحيدة التي نحياها. حين يقول حكيم «امض»، فلا يعني هذا أن يعبر المرء منا إلى الجانب الآخر من الشارع، على الأقلّ هذا ما يتوصل إليه المرء لو كانت النتيجة تستحقّ الجهد، لكنه يقصد خرافةً أبعد، شيئاً غير معروف لنا ولا نستطيع حتى التدليل عليه بدقّة، فهو شيء لا جدوى من ورائه البتّة. لا تعني هذه الأمثال أكثر من أن ما لا يوصف هو بالفعل لا يوصف، وهذا ما نعرفه. لكن الأمور التي نكافح من أجلها يومياً شأن مختلف.
قال امرؤ عندئذ «ولماذا تقاومون؟ لو اتّبعتم الأمثال لأصبحتم أنتم بأنفسكم أمثالاً، وبهذا تفرغون من اهتماماتكم اليومية». فردّ آخر «أراهن أن هذا مجرّد مثلٍ أيضا». قال الأول «كسبت». فردّ الثاني «لكن لسوء الحظّ في الأمثال». قال الأول «لا بل في الواقع، في الأمثال خسرت».
تعليق
كان ذلك باكراً جداً في الصباح، الشوارع نظيفة ومهجورة. كنت ذاهباً إلى المحطة. عندما قارنت ساعتي بساعة البرج رأيتها متأخّرة كثيراً عما أظنّ، فكان عليّ أن أسرع، ولأن هذا الكشف أزعجني لم أعد موقناً من الطريق، وكنت لا أزال غريباً عن البلدة. لحسن الحظ كان هناك شرطيّ قريب، فجريت نحوه، ومقطوعَ الأنفاس سألته عن الطريق. ابتسم قائلاً «وهل تتوقع مني أن أدلّك على الطريق؟»، قلت «نعم، فقد عجزتُ أن أجده بنفسي». قال «تخلّ عنه، تخلّ عنه». وسار مبتعداً وهو منتعش، كمن يودّ أن يكون وحيداً مع ضحكته.

 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق