السبت, 30 مارس 2019 03:21 مساءً 0 288 0
ثقافة الإسلام قولاً وفعلاً
ثقافة الإسلام قولاً وفعلاً

المصدر - مثقفون بلا حدود

لديّ إيمان راسخ بأن الإسلام لم يدخل بلاد غير المسلمين بالسيف، وهذا الإيمان يؤكده الأستاذ حسين أحمد الأمين قائلاً: «كما نعلم أن الإسلام إنما انتشر ووطد دعائمه في أنحاء عديدة من أفريقيا السوداء وجنوب شرقي آسيا، لا بالسيف والقهر، ولا حتى بالتبشير والدعوة، إنما بفضل سماحة خُلق التجار المسلمين الوافدين إلى تلك المناطق للتجارة. وأمانتهم ورفقهم ودماثة طبعهم ووقارهم مما دفع الناس إلى الإقبال على سؤالهم عن تعاليم دينهم، ثم اعتناق هذا الدين الذي كان له الفضل الأكبر في غرس هذه الفضائل» أ.هـ.

كذلك لن يدخل الإسلام بلاد الغرب ولا أي بلد آخر بالعنف والإرهاب؛ فكل من يستخدم هاتين الوسيلتين (العنف والإرهاب)، إنما يضرّ الإسلام ويبعده عن قلوب الناس؛ فالإسلام نزل لجميع من في الأرض والنبي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، هو خاتم الأنبياء بعثه الله عز وجل للبشر كافة دونما استثناء؛ ووجّـهه عز وجل بقوله:«فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك...» آل عمران: 159. وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه».

فمن أراد أن يخدم الإسلام ينبغي عليه مراعاة هذا الجانب وعليه أن ينبذ (العنف والإرهاب).

إن هذه الأموال الكثيرة والمبالغ الكبيرة التي تدفع لشراء الأسلحة من السوق السوداء لقتل البشر الآمنين وترويعهم، تولد كراهية متراكمة ضدّ الإسلام والمسلمين، يقول الحق تبارك وتعالى: «ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم...» الأنعام: 108. ويقول المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام: «لا تسبوا آباءكم. فقالوا ومن يسب آباه؟ قال الرسول: تسبون آباءهم فيسبون آباءكم وأمهاتكم». لذا؛ لو استغلت هذه الأموال بطريقة صحيحة ووظـّفت لخدمة الإسلام من بناء مدارس ومساجد ومستشفيات تحمل أسماء الصحابة وأهل العلم من المسلمين في بلاد الغرب ومساعدة الفقراء والمساكين، كما تفعل الحملات الصليبية التبشيرية في جنوب أفريقيا تحت شعار (ادفع دولاراً تنصر مسلماً) وقابله أهل الخير من العاملين في اللجان الخيرية الإسلامية بشعار آخر (ادفع ديناراً تنقذ مسلماً)، والدفع هنا ينبغي أن يكون في مسالكه الصحيحة، في خدمة البشرية حتى يعكس صورة جميلة ومشرقة عن الإسلام في بلاد الغرب، لا أن ينظر إلى الجاليات الإسلامية نظرة ريبة وشك، يقول الكاتب التونسي حسونة المصباحي: «خلال السنوات العشر الماضية أصبحت الجاليات العربية والإسلامية تشكل قضية غاية في الخطورة بالنسبة إلى الحكومات الأوروبية بقطع النظر عن لونها السياسي يمينية كانت، أم يسارية، أو محافظين أو بين بين» أ.هـ.

هذه النظرة القاسية من الأوروبيين ضد الجالية العربية والإسلامية تحت مبرر (العنف والإرهاب) الذي يستخدمه بعض المتعصبين من المسلمين ضدهم ظنا، فليس كل ما يتعرض له الأوروبيون من (عنف وإرهاب) يصدر بالضرورة عن عربي أو مسلم؛ هناك مخططات كبيرة تريد أن تشوّه صورة الإسلام وتلحق الأذى بالشخصية المسلمة وللأسف فإن كثيرا من الأوربيين قد استسلم لهذه الدعاية المفبركة، وانطلت عليه خدعة قد تكون من صنع الغير، وبدأ الأوروبي يكيد للعرب والمسلمين كيدا عظيما.

وللإعلام دور كبير في تصحيح المفاهيم، ولكننا بكل أسف نروّج للإعلام العنيف، فمسلسل (قيامة أرطغرل)، ما هو إلا تسييس للخطاب الديني وعسكرة الخطاب السياسي، مسلسل صرف عليه المنتمون للإسلام السياسي مبالغ ضخمة وخيالية ترويجا للعنف والانتقام والخيانات والمكائد وجزّ الرؤوس والمقابر، لا نجد في هذا المسلسل رسالة التسامح والعفو، قال تعالى: «... ويسألون ماذا ينفقون قل العفو...» البقرة: 219، أتساءل: هل بسيف (أرطغرل) سوف نواجه القنابل الذرية الإسرائيلية ، و البارجات والفرقاطات وحاملة الطائرات الأميركية، والصواريخ الروسية العملاقة عابرة القارات؟!

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق