السبت, 20 ابرايل 2019 01:40 مساءً 0 238 0
تحليل اخباري
تحليل اخباري

يكتبه عاصم البلال الطيب

إعتصام بارك السودانية ولا هايد بارك الإنجليزية

فرفرة غير المذبوح
إنهمكنا فى (أخبار اليوم) ولا زلنا ننهمكُ في إصدار أعداد خاصة مباركين وداعمين لإنتصار إرادة السودانيين باقتلاع نظام البشير بثورة ديسمبر السلمية الشعبية التى قدمت فداء الوطن شهداء شباب ننعم بتضحياتهم ببشريات الحرية والسلام والعدالة التى رفعها الثوار ولازالوا شعارات للثورة السودانية التى من بهائها وحسن جمالها يتبارى البعض تفاخرا  بإظهار دوره فيها عبر وسائل التواصل الإجتماعى والآن فى الأجهزة الإعلامية الرسمية المدجنة تماما طوال الثلاثة عقود،فلذا أداؤها مضطرب فى التعامل مع ثورة ديسمبر وحراكها الجماهيرى ولكنها رويدا رويدا يقوى عودها وينضج فتحسن أداء رسالتها الإعلامية بخطة واضحة وليس خبط عشواء كما حاصل الآن، أما الصحف و(أخبار اليوم) منها لم تكن بأفضل حال من الأجهزة الرسمية الإعلامية بيد أن الصحف المستقلة غير ذبح فرفرت وبعضها غير مرة تجاسر بالدخول فى المحظور وعش دبابير النظام المقلوع ولكنها بقيت حبيسة الإتهام بمولاة النظام أو معارضته باتفاق أو بحق وحقيقة ولا نود أن نتطرق لمساعينا الإعلامية لتوحيد السودانيين وما جرته علينا كونها شهادة مجروحة وموقفٌ هش ولكنه جهدنا إن أصبنا نبتغي أجرا وأن أخفقنا فنطمع في الإثنين، خسر الإنقاذيون بفرض قيود على الأجهزة الإعلامية بينما هى السلاح الأمضى للحكم الراشد الذى فشلت الإنقاذ فى تنزيله عمدا حبا فى الشمولية التى عصفت بها غير مأسوف عليها باجماع شعبى ينبغى على الباقين ممن يوالوها التأمل فيه والتفرس فمتى عادوا للأضواء عودة رهينة بتجربة أفشل من التى قدموها نموذجا للفشل يدرس للأجيال،بالمتاح من هامش الحريات نصحنا الإنقاذ المقلوعة بمختلف مسمياتها وتقلباتها ومناوراتها وقلنا ما وددنا قوله وهى قائمة وبعد أن ماتت تلاحقها لعنات من ثاروا عليها ولا زالوا خوفا من ردة فعل دولتها العميقة اللعينة وهم محقون، فلذا هم يستعصمون حول القيادة العامة بحسبانها الحارس والحامى الأمين لثورتهم خوفا عليها من السرقات والإختطافات كما حصل مع ثورات سابقة نظيرة ولكن هذى جديدة غير مسبوقة وبوعى محروسة. ويجب أن يتحلى بالأدب والحياء كل متكالبٍ لنيل مقعد إنتقالي في معمعتنا والرجاء أن ينتظر مراقبا وعاملا بجد للتقدم للقيادة عبر صناديق الإقتراع، تلك هي روح الثورة المحروسة.
بتول يمسسها من يستحقها
وقمة ثورة ديسمبر إعتصامها المهيب القائم حتى هذه اللحظة حفظا لمكتسباتها العميقة المستحِقة تجشم وتحمل عناء حراستها حتى تورق شجرتها ثمرا جنيا يتساقط على الناس كلهم فيأكلون حالهم حال البتول، المعتصمون من شدة حبهم فى ثورتهم يريدون الإبقاء عليها بتولا لا يمسها إلا من يستحقها، وبقدر ما أشاع النظام المقلوع عنوة واقتدارا  حالة من الكراهية والبغضاء والشحناء بين السودانيين،تشيع الثورة الشعبية واعتصامها المجيد حالة من الوجد والحب بين السودانيين نتلمسها فى الطرقات وهم يتبادلون التهانى والإبتسامات والضحكات والقفشات تدل على مدى البغض فى النفوس تجاه النظام المقلوع الفاشلة قمته فى قراءة الواقع وجسارة السودانيين فى أسفار التاريخ،وروعة هذه الثورة فى تعزيز لحمة وسداة المحبة والثقة بين الشعب وقواته المسلحة العصية على التجنيد وخدمة التمكين وبئس التمكين الذى يستوجب الإعتصام الشعبى خدمة للقضية والهوية السودانية وليس لقوى سياسية تسعى لبسط الهيمنة على مكتسبات الثورة بفرض رؤية آحادية وإن تعددت أشكالها ولبوسها بغرض السيطرة على العملية الإنتخابية، أشد معارضى الإنقاذ وأبرزهم عبدالواحد محمد نور طالب بالنأى عن سياسة فرض الخيارات والإختيارات، التضحية من أجل نجاح الثورة ينبغى تحريرها وعدم رهنها بالحصول على مكاسب ومناصب، الثورة ينبغى أن تكون حالة حب خاصة لدولة المواطنة والمساواة والعدالة والحرية التى من أجل تحقيقها قامت حركة دارفورية دون قضيتها استشهد الدكتور خليل ابراهيم ولكن حركته وغيرها من الحركات بأسماء متعددة ومعان وأهداف واحدة لازالت موجودة وليس من صالح الثورة تجاوزها وغيرها من الأطراف المؤثرة، بمزيد من الحكمة والصبر والسعى تستحيل الثورة السودانية لأيقونة بديعة مما رأينا ولازلنا فى ساحة الإعتصام الذى يدلل الصبر عليه الإيمان بسودانية الثورة ونقلها لحياة المجتمع نقلة هائلة.
مزار ورمز
والإعتصام ليس بالسهولة واليسر، بل هو من الصعوبة التى تؤكد على سلمية المعتصم المفارق لداره غير بمقداره ومضحيا بذاته رفضا لأية صياغة لحياة السوداني دون مشورته ورفاقه الأغلبية التى تتنادى للساحة بالملايين متى ما نادها معتصمون لم يغادروها محبين وهى بأي حال ليست بديلا مريحا لما يعانيه السواد الأعظم  من المعتصمين بأجسادهم وأرواحهم وكذا مشاركيهم عن بعد من  المحرومين لسبب أو آخر من الوصول للساحة،ساحة الإعتصام أكبر مسرح إبداع سودانى خلاق، المعتصمون يتفننون فى إبتداع الطرائق ويزيدون كل ما زادت أعداد المعتصمين وهى رسالة قوية ضد كل من يفكر دعك من يعمل ضد مصالح السودانيين الذين كسروا بهذه الثورة تماما أنوف الإستكبار وإنى والله لأعجب لجسارة من يتقدمون صفوف فرض الخيارات للحكم وبأمهات عيونهم يرون المغبات والعواقب للفشل،الوقت لا زال باكرا للضيق من إستمرار الإعتصام السلمى البديع الذى وإن تسبب فى تعطيل مصالح ومنافع عامة أو خاصة،العزاء أنه يرمى لتحقيق مكتسبات طويلة الأجل بحراسة لضمانها،وساحة الإعتصام غير ضجها بمشاهد الحياة،أصبحت مزارا ورمزا لحب الوطن وساحة لتعلم أبجديات العمل العام وإعداد لناخب لن يؤتى على حين غرة، ناخب يختار البرامج قبل الأشخاص لدى إقتراعه الإنتخابى،أرى فى ساحة الإعتصام من تباين وتناغم، جمعية ديمقراطيتنا التأسيسية الرابعة والأخيرة،فاعتصموا فى ساحتكم التى تستحق إعادة تأهيل لتكون إعتصام بارك السودانية على غرار هايد بارك الإنجليزية يتجمع فيها السودانيون لتبادل الرؤى والأفكار فى رحاب المؤسسة العسكرية التى تكسب كثيرا إن صبت تفكيرها فى كيفية تطوير الإعتصام وليس فضه، بهذه الروح، الثوار المعتصمون على استعداد للمساعدة فى فتح مسارات الحركة مع الإحتفاظ بحقهم فى البقاء بل والتراجع لقفل المسارات إن لم تمض الأمور كما هى رغبات ومطالب الأغلبية التى لا تتعارض مع هيبة المؤسسة العسكرية وقدسيتها غير المربوطة بالأشخاص والأسماء والبقاء فيها للأصلح والأنفع لها حارسا للبلاد والعباد، والمطلوب الآن عدم تعجل النتائج وتذكر الروح السودانية الشابة ورقصها بشجاعة على أصوات الجبخانة كأنها أنغام غير هيابة منها حتى الكنداكة، المرأة السودانية المشاركة بانجاب الثوار والجياشة وبنفسها.  

 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق