الثلاثاء, 20 أغسطس 2019 02:04 مساءً 0 236 0
ياسر عرمان يكتب: قضايا الثورة والثورة المضادة
ياسر عرمان يكتب: قضايا الثورة والثورة المضادة

قوى الحرية والتغيير بلا قيادة تكون أو لا تكون
غاب التوقيع عن أجندتنا بعد أن تم التوقيع على الوثيقة، ثم جاءت مهام بناء النظام الجديد واستكمال مهام الثورة، فهل قوى الحرية والتغيير بلا قيادة قادرة على اتخاذ القرارات وتنفيذها وعلى بناء جبهة وطنية طوال الفترة الانتقالية حتى تتمكن من تنظيم الجماهير وحشدها وقيادتها ووضع البرنامج الذي يحقق أهداف الثورة وتعيين أجهزة الحكم ودعمها ومحاسبتها.
من الواضح أن قوى الحرية والتغيير تعاني نقصاً مريعاً في كل ذلك، والسؤال المهم هل الوثيقة الدستورية تنص على تولي قوى الحرية والتغيير  مهمة تعيين ما يليها من أجهزة الحكم الانتقالي، وإذا انقسمت قوى الحرية والتغيير  وتمزق  صفها لا قدر الله بفعل فاعل أو بخلل رسم أولوياتها فكيف سيتم تنفيذ الوثيقة الدستورية؟ وحدة قوى الحرية والتغيير  قضية إستراتيجية وتمزقها سيكون ضربة موجعة وسيطرح قضية دستورية لاسيما الآن، فقد اتضح للكثيرين أن في الأمر محاصصة كبيرة  والحديث المفخم ضد المحاصصة  بملء الحناجر كان في حد ذاته يخفي محاصصة كبيرة في داخله.
قوى الحرية والتغيير وهي تواجه سؤال أن تكون أو لا تكون عليها أن تكون وفية لدماء الشهداء والجرحى والأرامل والثكلى والأيتام  والمفقودين، النازحين واللاجئين، وإلا فإن الثورة المضادة ستأخذ مقعد الثورة.
ما بنرجع حتى الجنوب يرجع  شعار خاطئ
ندرك العواطف النبيلة والجياشة التي يكنها شعبا السودان شمالاً وجنوباً لبعضهم  بعضاً، كما ندرك  الطريق الشاق وجراحات الماضي بينهما  وبين أنظمة الحكم التي حكمت السودان، وقد كان التوقيع مناسبة لإظهار المشاعر الإنسانية الرفيعة من الطرفين ولكن الشعار الذي يقول (ما بنرجع إلا الجنوب يرجع)  شعار خاطئ ومؤذي للعلاقة بين الجنوب والشمال  ويؤدي إلى عكس هدفه المنشود  وهو يؤلم قطاعات واسعة في الجنوب ولا يرضي بعضنا في الشمال!
انفصال الجنوب واقع سياسي وقانوني وحقيقة لا تقبل المغالطة والجدل، والرغبة في علاقات إستراتيجية بين دولتي السودان مطلب مشروع يسنده التاريخ والدماء والسياسة والجغرافيا والمصالح الفعلية؛ لذا علينا أن نعمل لعلاقة إستراتيجية بين البلدين، بل أن نعمل (لاتحاد سوداني) بين دولتين مستقلتين لكل منهما علمها  ورئيسها وأجهزة حكمها  مثل (الاتحاد الأوروبي) الذي هو بين بلدان مستقلة، يجب أن نسعى لـ(اتحاد سوداني) بل اتحاد يضم كافة دول الجوار لاحقاً.
يمكننا أن نبدأ بالحريات الأربعة ورفع كافة القيود التجارية وإعادة بناء النقل النهري والسكة حديد كأهم وسائل ربط بين البلدين رخيصة السعر، أما الحديث عن الرجوع  ورفع قضايا في المحاكم فأمر لا جدوى منه. نحن أمام قضية طلاق وقعت بالفعل ولكن الأسرة تحتاج لمواصلة حياتها في انسجام.
نحب الجنوب مثل ما نحب الشمال وللوحدة أشكال عديدة علينا أن لا نركز على شكل واحد من أنواع الوحدة. الشمال والجنوب أخذا في نفسي وفي قلبي وعقلي نفس الموقع رغم أنني ولدت في الشمال ولا يمكنني إلا أن أقول لأهل الجنوب فلتكن دولتكم مباركة  ولتكن دولتنا مباركة أيضاً وليبارك الرب والشعب اتحاداً سودانياً بين دولتين كاملتي الاستقلال تواجهان معاً مصاعب التهميش العالمي الذي يضرب بلدان الجنوب والعالم الثالث فكلانا في الهم والتهميش جنوب.
ثورة عميقة ودولة عميقة أي نوع من الحكومات نريد
في السودان اليوم قوتان وجهاً لوجه في صراع لا يقبل إلا أن تخرج إحداهما منتصرة، الدولة العميقة والثورة العميقة، وليكن النصر حليف الثورة العميقة. الحكومة القادمة وأجهزة الحكم ستواجهان الدولة العميقة والثورة المضادة والتناقضات بين قوى الثورة وبينها والمجلس العسكري والمصالح الإقليمية والدولية، وإذا أردنا الانتصار علينا الاستناد إلى قوى الثورة العميقة لذا يجب السعي لفتح أبواب العمل المشترك بين قوى الهامش وكافة قوى الكفاح المسلح  وبين قوى الحرية والتغيير وإلا ستكون هنالك حكومة هشة،  فبدون حل قضايا الحرب كجزء من مهام الثورة والانتقال سيكون الانتقال هشاً ومن هنا تنبع أهمية السلام كحزمة واحدة من حزم الانتقال، كما أن اقتصاد الحرب لا يجلب الطعام والحليب للأطفال والنساء والشيوخ. البلاد  التي يضربها النزوح واللجوء والهجرة ويحرمها من قواها البشرية ومن عقولها المدربة لا مستقبل لها إلا بحل هذه القضايا.
المواطنة بلا تمييز الفريضة الغائبةس
قضية المواطنة بلا تمييز هي أم القضايا والفريضة الغائبة التي واجهت بلادنا منذ الاستقلال  وفشلت كل فترات الانتقال لأنظمة جديدة في حلها، وهي أهم قضايا البناء الوطني ودون حلها لن يستقر السودان ويصبح ديمقراطياً وينمو ويتطور، نحتاج للمواطنة المتساوية وهي فريضة وطنية بدونها تتعقد كثير من قضايا اليوم والاختلاف حولها ذو صلة بكثير من اختلافاتنا اليوم.
طرح قضية الحكم المدني دون طرح قضية المواطنة خلل لا تخطئه العين المشرئبة للعدالة، فقضية المواطنة هي أم قضايا الدولة المدنية هكذا تعلمنا من تجارب بلادنا الشائكة ومن الثورة  الفرنسية وتجارب الشعوب الأخرى أيضاً.
لا ترضوا بنصف انتصار، أكملوا ثورتكم
حققت ثورة أكتوبر 1964 نصف انتصار وبعض هزيمة بإزالة الدكتاتورية  وتركت النظام القديم في ثياب جديدة، كذلك فعلت ثورة أبريل 1985 ولكنهما  لم يبنيا مجتمعاً جديداً و(لم نر راية تخرج من وسط اللهب أو تمثالاً ينصب) كما عبر الخال عبد الرحمن الأبنودي، فلم نبن مجتمعاً جديداً، ولم ننتج مشروعاً جديداً وشبح أكتوبر وأبريل يحوم الآن فوق ثورة ديسمبر فهل نرضى هذه المرة أيضاً  بنصف انتصار وبعض هزيمة أم نكمل مهام الثورة ونصفها الآخر حتى نحقق انتصاراً كاملاً! هذه هي القضية التي تواجهنا. نحتاج لحرية  ولديمقراطية ولسلام، هكذا عبرت الثورة بلسان فصيح. الثورة يجب أن تنتصر للفقراء والجوعى والمحرومين وتوجيه الموارد وتوفير الطعام والصحة والتعليم والخدمات لشعبنا لا أن نوجهها للحروب أو الفساد، نحتاج أن نضع نهاية للتهميش الثقافي وتهميش النساء وتهميش المنتجين والشباب،  نحتاج لإعادة هيكلة الدولة وفق مطالب الثورة حتى تكون دولة للجميع، علينا استكمال مهام الثورة بدءاً بتحقيق السلام.
???? نحتاج جيشاً واحداً مهنياً يعكس التنوع لا خمسة جيوش
الآن لدينا في السودان خمسة جيوش كتبنا عنها من قبل، لكي نبني ديمقراطية وتنمية وسلام ولكي تزدهر بلادنا وتصبح أجمل حديقة نحتاج لبناء جيش واحد مهني يعكس  التنوع وتركيبة ومصالح المجتمع السوداني ويدافع عن مصالح البلاد ولا يقتل العباد ولا يخوض حروباً داخلية  ولا يوجه بندقيته لصدور الشعب، فالشعب هو الذي دفع ثمن هذه البندقية.
الدولة السودانية تحتاج إلى إعادة هيكلة وبناء لمصلحة ازدهارها وتقدمها.
19 أغسطس 2019

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق