السبت, 21 سبتمبر 2019 02:55 مساءً 0 546 0
نقـطـــة نـظـام
نقـطـــة نـظـام

كابتن شيخ الدين محمد عبدالله الطيب الذى رحل

{ خلال العام الماضي في مثل هذا الوقت كنت أيضا خارج السودان، وتحديدا أوروبا في زيارة خاصة، وتم تداول خبر بعدد من القروبات برحيل كابتن شيخ الدين محمد عبدالله كبير الطيارين ومدير العمليات ورئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية السودانية الأسبق ولعقود من الزمان، وقد ارتبط اسمه بسودانير منذ الحادثة الشهيرة، والتي كتب الله عمرا جديدا له، عقب سقوط الطائرة التدريبية بوسط الخرطوم وقضى فيها مدربه الأجنبي ، ورغم الحادثة المروعة وغيابه عن الوعي لأيام، إلا أن إيمانه زاد إيمانا وقد عرف بتدينه عليه رحمة الله منذ صغره، وإستقامة أخلاقه، وحسن صيته، وزادته عزيمة وواصل مشواره التدريبي وعمله حتى تقاعده للمعاش، وحتى عندما تولى رئاسة مجلس إدارة سودانير، كان يضع اسمه بصورة عادية ضمن جدولة سفر الطيارين.
{ وإنتابني يومها حزن عميق، ليس بحكم صلة الدم والقربى والمنطقة الواحدة، ديم القراى ( محلية شندى) ولاية نهر النيل، التى أحبها وأحب أهلها، وبادلوه حبا بحب ، ووفاء بوفاء، بجميع مراحله التعليمية والعملية، عبر العمل المباشر والتوعية والخطابة بمسجد القرية، وعبر رابطة أبناء ديم القراى بالعاصمة، التي تولى رئاستها وقيادتها لسنوات طويلة.
{ وإتجهت على الفور لذاكرة الأسماء بهاتفي الجوال، ممنيا النفس وداعيا المولى عز وجل أن يكون خبرا كاذبا، ومن المؤسف ان البعض حول نعمة هذا التطور التقني من نعمة إلى (نقمة)، ببث الأكاذيب والشائعات المدمرة، وضغطت على اسمه المكتوب عندي مربعا، كابتن شيخ الدين محمد عبدالله الطيب، (٠٠٢٤٩٩١٢٣٠٧٣٨٦).
{ وسعدت سعادة بالغه، عندما رن جرس الهاتف، وجاءني صوته المألوف بالنسبة لي ، حيث كنت أتلقى منه محادثات تشجيعية منتظمة طوال الأربعين عاما الماضية، بالتلفون الثابت وبعد دخول خدمة الهاتف الجوال، وكان من المتابعين لبرنامج فى الواجهة، بتلفزيون السودان، وقبله ( لوكنت المسؤول) ، والكرسي الساخن ، عندما قدمته منفردا فى البداية، ومع أستاذنا وصديقنا الراحل الأستاذ حسن ساتي، كان عليه رحمة الله من المحبين للوطن والحادبين على أمنه وإستقراره ووحدة كلمة أبنائه.
{ وحدثني يومها وهو يضحك عن كيف تلقى هذه الإشاعة، وقال لى يومها ، هذا سبيل الأولين والآخرين، ولا مفر منه أبداً، فإذا لم يكن اليوم ، قطعا سيكون غدا.
{ تذكرت هذه المكالمة والتي مر عليها عام كامل، وكنت أيضا كما الآن خارج الوطن، عندما وصلني نبأ عاجل بالقروبات برحيل كابتن شيخ الدين ومكان وزمان مدفنه، وأحسست هذه المرة ولا أدرى لماذا أنه خبر صحيح، وحزنت حزنا عميقا، وأرسلت رسالة  للأخ الأستاذ عبود عبدالرحيم مدير التحرير ، وكنت متواصلا معه، مستفسرا عن صحة خبر الرحيل ، جاءني رده صاعقا ، حيث أفادني بأن الشقيق العزيز الأستاذ عاصم البلال الطيب  رئيس التحرير بالإنابة، والابن معاذ إبراهيم سليمان عادا للتو من المقابر بعد أن شاركا فى دفن جثمانه الطاهر.
{ وطاف بذهني شريط طويل وحزين ، لسيرة هذا الرجل العظيم، والعظمة لله وحده، والتقى والنقي ، والعصامي ، ولازلت أتذكر أول رحلة جوية فى حياتي كان قائد الطائرة يومها هو الراحل شيخ الدين محمد عبدالله، وجاءنا صوته التقى ، مرددا دعاء السفر الذي كان يردده أشرف الخلق ، سيدنا محمد ( ص)، وبالطبع ان الرحلة الجوية الأولي فى حياة الإنسان، مهما كان شجاعا مخيفة جدا، ولكن دعاء السفر والذي إبتدعه الراحل الكبير والذي أصبح سمة بعد ذلك لجميع السفريات السودانية وبعض الأجنبية، أنزل الرحمة والسكينة في قلوبنا، ودعاني عليه رحمة الله لكابينة القيادة وشرح لي كيفية قيادة الطائرة وكانت تجربة مثيرة وبالتأكيد مخيفة لشخص يستقل الطائرة لأول مرة في حياته.
{ كابتن شيخ الدين عليه رحمة الله، رمز من رموز الطيران عامة ببلادنا والخطوط الجوية السودانية التي منحها كل عمره ورفض عروض خارجية يسيل لها اللعاب ، والراحل كابتن شيخ الدين نجم بارز من نجوم المجتمع السوداني ، فى كافة المجالات السياسية والدينية والاجتماعية والثقافية والرياضية، وتولى عددا من المواقع فى هذه المجالات بكل تجرد وإخلاص وأمانة ونكران ذات.
{ رحم الله كابتن شيخ الدين محمد عبدالله واسكنه فسيح جناته والهم آله وذويه وعارفي قدره وفضله ونحن منهم الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق