الثلاثاء, 22 أكتوبر 2019 01:53 مساءً 0 331 0
سليمان العزازمة: الشعب السوداني الأوعى في المنطقة.. وأتمنى زيارتهم
سليمان العزازمة: الشعب السوداني الأوعى في المنطقة.. وأتمنى زيارتهم

عشت وسط غابة من البنادق في بيروت..
 وأخشى على العراق ومصر  وداعش صناعة غربية

وجد المناضل الفلسطيني سليمان قنودة العزازمة، نفسه بالمصادفة؛ على ارتباط وثيق بالسودانيين وقضيتهم، إذ لم يُمهله انطلاق الحراك السوداني الذي تعارف عليه لاحقًا بـ «هبة ديسمبر»، سوى شهرين، بعد إنشاء حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.  
لم يكن العزازمة المولود في الأردن، العام 1965؛ نتيجة احتلال الكيان الصهيوني لموطنه «بئر السبع» جنوب فلسطين، بحاجة إلى الدعوة للدفاع عن الحريات في السودان، أو أي بقعة أخرى يرتفع فيها أصوات الاستغاثة من العدوان.. هكذا، اتخذ من الصف الأول للحراك الالكتروني، موقعًا له بالهجوم على حكومة عمر البشير ومناصرة الشعب السوداني، وظل بين أكثر الحسابات الشخصية في «تويتر» ترديدًا لشعارات الثورة السودانية، ثم تهافت آلاف السودانيين يتابعونه، قبل أن تضحي آراءه جزءًا من المواد الصحافية لدى القنوات العالمية أمثال BBC.
يقول العزازمة الذي يحتفظ بالإشادات التي ترده من السودانيين في هاتفه النقال، إنه عانى على مدار 3 أيام في أعقاب فض الاعتصام، لم يعرف خلالها النوم ولا الطعام؛ لكنه يشعر أيضًا بالسعادة على رهانه الكاسب: «كنت أحدث جلسائي كل ليلة في غمرة اليأس قبل عزل البشير، عن النجاح الذي انتظره للثورة السودانية؛.. ثم في موكب 6 أبريل عرفت أنه الانتصار».
«أخبار اليوم» تحدثت إلى الثائر العربي الذي لا يزال يخصص الجزء الأكبر من تدويناته حول حاضر ومستقبل السودان «رغم انشغاله بقضايا أخرى إقليمية في المنطقة الملتهبة».. وجرى الحوار التالي:أدريس

حوار :عروة إدريس

 نبدأ من حيث انتهت الثورة السودانية، كيف تقرأ المشهد السياسي حاليًا؟
أرى دعمًا شعبيًا كاسحًا للدكتور عبد الله حمدوك، وعليه استثمار منصبه جيدًا لحماية الثوار مما يقلقهم، فأولئك العسكر دخلوا على خط الثورة عنوة، ونعزي أنفسنا كثوار أن هذه المرحلة انتقالية، لن تطول، ثم يليها دور الشعب لتصحيح كل أخطاء المرحلة الانتقالية عبر صناديق الاقتراع والانتخابات الحرة.
{ أنت لا تهادن العسكر في السياسة؟
العسكر مكانهم الثكنات وحماية الوطن والثغور والحدود، وإن تجاوزوا دورهم هذا؛ يكونوا حينذاك انقلابيين وطلاب سلطة، ثم يفسدون الثورة والحياة المدنية للشعب، ويقوضون تداول السلطة بشكل ديموقراطي حر.
{ ما توقعاتك للسودان بعد انتهاء الفترة الانتقالية؟
الشعب السوداني أحد أوعى شعوب المنطقة، ويراقب الوضع بعين ثاقبة، وينتظر نهاية هذه الفترة على أحر من الجمر ليقرر مصيره بنفسه؛ إن تركه أعداء الثورات والحرية يقرر دون تآمر ودون وضع العصي في دواليب الثورة. وأرى الأيام القليلة المقبلة في غاية الأهمية لانتصار الثورة ووضوح معالم ما بعد الانتقالية.
حمدوك مُطالب بالانحياز للشعب والثورة، وإحباط المؤامرة التي يحيك خيوطها أنصار النظام القديم مع بعض المحسوبين على جيش السودان، ويتطلب ذلك «الكنس والمسح» وتنظيف مؤسسات الدولة من الكيزان وغيرهم من أصحاب المصالح الخاصة.
{ هل ثمة ما تخشاه على الثورة السودانية؟
نعم،بعض قيادات المنطقة وحكامها ضد الثورات خوفًا من انتقالها لبلدانهم، وذلك مهدد خارجي. أما الخطر الداخلي فهو موجود أيضًا، ويمثله وجود قوات غير الجيش وكذلك الأحزاب التقليدية التي تعرف أنها ستخرج من «المولد بلا حمص» عند اي استحقاق انتخابي نزيه.
{ من هو السياسي السوداني الذي تشعر تجاهه بالطمأنينة؟
أنا أراقب مسارات الثورة. وبشكل عام، أتوسم الخير في عبد الله حمدوك لقيادة سفينة المرحلة الانتقالية لبر الأمان.
{ وكيف تجيب على من يتهم إدارة حمدوك بالبطء في تنفيذ أهداف الثورة؟
خلق الانسان عجولًا، لكن الثوار على حق في استعجالهم ما لا يقبل التأخير، كإطلاق سراح السجناء العسكريين الذين ساندوا الثورة، وكذلك في شأن محاكمة المجرمين في فض الاعتصام وقتل الثوار، وتصحيح مسار القضاء بحيث يكون عادلا ونزيها ومستقلا ويقف على مسافة واحدة من جميع الاطراف، إضافة إلى حل مشاكل المواصلات، وتوفير الأدوية، والاهتمام بالتعليم، وترميم البنية التحتية للأرياف التي تضررت جراء الفيضانات.
{ بعيدًا عن الثورة السودانية، ما أخطر شيء على الوطن العربي؛ حسب رأيك؟
الوطن العربي محاصر بعدو خارجي يتمثل في الهلال الصهيوني والهلال الشيعي، أما داخليا فأخطر الأخطار تصدر من بعض حكامهم، فهم رؤساء برتبة موظفين لدى الأعداء اللذين أجرموا في حق الإنسان العربي واستولوا على مقدراته ونهبوا خيراته وحوّلوا الاوطان لمزارع عائليه لا نصيب للشعب فيها «ولو بقشرة بصلة».
{ وما المؤشرات التي تمنحك التفاؤل في المنطقة؟
الأمل موجود دائمًا. والثورة السودانية تحمل البشائر للأمة، كما أن الشعوب العربية جميعها لا ترضى بهذا الظلم، وذلك مؤشر جيد، ولو فتح المجال للشعوب، لحطمت معاقل الاستبداد في بلادها. وانتخاب قيس سعيد رئيسا لتونس دليل على دنو التغيير، لكنه سريع في مكان، وبطيء في بلد آخر.
{ ما تعليقك على ما يحدث في سوريا منذ نحو 8 سنوات؟
عليك أن تعرف أن الاستعمار أسس لثلاث ركائز لاستمرار سيطرته على المنطقة، من بينها النصيرية في سوريا، وإسرائيل في فلسطين. وإذا سقطت إحدى هذه الركائز ستسقط البقية تباعًا. أما الشعب السوري فطالب بحريته في مظاهرات سلمية انطلقت بالملايين في درعا والشام وحمص وحماه وحلب؛ حينها استشعر الغرب الخطر على تغير المشهد في العالم العربي بأكمله، فأعطوا الضوء الأخضر للحسم بالحديد والنار، واستعانوا بـ «حزب الله»، ثم استعانوا بإيران وميليشياتها لتعزيز إخماد الثورة، ثم بروسيا وطائراتها وصواريخها. واستخدموا الأسلحة جميعها، بما فيها «الكيماوية» المحرمة دوليًا، ثم أوجدوا داعش التي خدمت بقاء نظام «بشار الأسد» أكثر من أي شيء آخر.
{ إذن أنت تؤيد القول بأن داعش من صناعة الاستخبارات الغربية؟
لا أشكك في ذلك، داعش استقرت بين سوريا والعراق وسط مناطق غنية بالنفط والغاز، لأسباب عدة؛ كي لا تتغذى الثورة السورية على مواردها الخاصة ولا تتمكن من تمويل نفسها بنفسها، ولقطع الطريق أيضًا أمام الثورة السورية السنية العربية، مع ثورة العراق العربية السنية. وتدخلت داعش لإجهاض الثورة العراقية؛ بعدما شارف ثوار العشائر في العراق على تخوم بغداد، كما استطاع 400 داعشي بمسرحية مفضوحة دخول الموصل، وطرد 30 ألف جندي عراقي. واستولت داعش على 300 مليون دولار من بنك نينوى والكثير من المعدات العسكرية.. وأصبحت داعش فيما بعد مبررا لتدمير المدن السنية في سوريا والعراق، وتهجير العرب السنة من ديارهم وبيوتهم، وبعدما أدت دورها على الوجه الأكمل، ذابت كالملح. إنها اختفت لتظهر في أي مكان يحتاجه الحاكم الظالم لتدمير شعبه.
{  وهل أخطأ الشعب السوري لأنه لم يحافظ على سلمية ثورته؟
لم يكن الشعب، بل الجيش السوري انشق إلى قسمين، أحدهما يساند الشعب، والآخر اختار النظام. أما دول بعينها، فأغرقت الثورة بالمال والسلاح، واشترت الولاءات. وأصبح الممول من يفرض شروطه وطبيعة المعارك وخطوطها الحمر على الاتباع. وهكذا، أصبح في سوريا مئات الكتائب والألوية. وبعد أن كانت الثورة تسيطر على 80% من مساحة سوريا؛ بدأت بالتراجع وتسليم المدن والقرى والبلدات للنظام.
{ ننتقل إلى فلسطين، هل استمعت للمفسر بسام جرار الذي استخدم «الإعجاز العددي في القرآن» للتنبؤ بزوال إسرائيل بحلول العام 2022؟
الشيخ بسام جرار من أفضل مفسري القرآن الكريم في هذا الزمن. ومشهود له منذ عام 1992 بتنبؤه بزوال دولة اسرائيل عام 2022 بناء على حساب الجمل في القران الكريم وخاصة في سورة الإسراء.
{ ما شعورك تجاه هذه الاجتهادات في علم الإعجاز العددي؟
أنا مطمئن إلى إرادة الله التي هي فوق كل شيء.
{ مع كل ما يبدو من تقهقر المقاومة الفلسطينية؟
آخر مقاومه فلسطينية جرت في بيروت عام 1982، وكنت جزءا منها. أما مقاومة حماس فتقتصر على الدفاع عن النفس، لكن العنف الثوري والكفاح المسلح والعمليات داخل فلسطين انتهت لكثرة المتآمرين عليها، وأولهم سلطة اوسلو.
{ حدثني أكثر عن تأثيرات أوسلو على المقاومة الفلسطينية؟
اتفاقيات أوسلو جاءت للقضاء على الانتفاضة داخل فلسطين، ثم تحولت لتنسيق أمني مع العدو.
{ صف لنا أدوارك في مقاومة العام 1982؟
قبل ذلك كنت طالبا أشعل المدرسة حماسا، بالكلمات الثورية عن فلسطين. كنت أترقب كل يوم لحظة فراغي من المرحلة الثانوية حتى التحق فورًا بالثورة في لبنان. كنت شابا يافعا متحمسا يعتقد أنه سيحرر فلسطين لوحده بسلاح كلاشنكوف. وقد وصلت لبنان برًا عبر طريق البقاع؛ بعد 6 أيام فقط من استلام شهادتي الثانوية. وجدت غابة من البنادق في بيروت، ثم التحقت مع المتطوعين العرب من كل مكان «يمنيون وسودانيون وليبيون وتوانسة ومصريون الخ». كانت بيروت عصية على شارون ولم تستطع دباباته أن تتقدم 6 أمتار، لذلك كان القصف عنيفا للغاية بالطيران. كان أكثر ما يخيفنا الإصابة بالإعاقة، ولم نكن نخشى الموت. واستمرت المعركة 78 يومًا، لم يحرز العدو خلالها أي تقدم، لكنه حاز مراده بالمفاوضات بين ياسر عرفات وفيليب حبيب.
{ كيف سيكون الحال اليوم لو لم يقبل عرفات بالمفاوضات وقتذاك؟
عرفات كان مقتنعا بالرئيس المصري أنور السادات وبأن 99% من الحل في يد أمريكا. وللأسف الجميع خذل الثورة الفلسطينية، فلم يأتها المدد من أحد. وطالبنا الرئيس الليبي معمر القذافي بالانتحار في بيروت، كان الوضع كئيبا وميؤوسا منه، بلا أي دعم خارجي؛ ولولا وقف إطلاق النار كنا سنقاتل حتى الرمق الأخير، حتى إن العمليات العسكرية خلف خطوط العدو لم تتوقف في الجنوب. أنا لا أعرف إجابة سؤالك بالتحديد؛ لكننا كنا نؤمن أنها ثورة حتى النصر.
{ هل عقيدة فتح القتالية اليوم هي العقيدة نفسها التي يحركها تحرير فلسطين يوم كنت مناضلا معهم؟
لا، فتح أصبحت «فتحية» في زمن أبو مازن (قالها ساخرًا فيما بدا من الوهن الذي أصاب الحركة التحريرية. ويقصد بأبي مازن الرئيس محمود عباس).
{ على من تقلق أكثر نتيجة القمع ؟
أقلق من القمع في كل مكان.
{ أنا طرحت أسئلتي الكاملة.. هل توقعت سؤالا لم أوجهه لك؟
نعم.. متى تزور السودان؟
{ اذن متى ستزور السودان؟
عندما يخلو من أعداء الإنسان والحرية.

 

 

 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق