الاربعاء, 23 أكتوبر 2019 02:06 مساءً 0 304 0
أجراس فجاج الأرض
أجراس  فجاج الأرض
أجراس  فجاج الأرض
أجراس  فجاج الأرض

تجميع المنابر الثقافية وأثره
 على التغيير والتنمية

يقلم د:السر النقر أحمد

تمهيد:
المنابر الثقافية وتعددها في المجتمع الواحد هو انعكاس لحركة النشاط الاجتماعي والسياسي في المجتمع الديمقراطي الواحد، يعني تباين الأفكار واختلاف المناهج والرؤى الفلسفية وتوطيد ركائز السلام الاجتماعي والتعايش السلمي وحرية التعبير، ولمصلحة الناشطين وتطوير الحركة الثقافية لابد أن تكون هنالك مظلة كبيرة وقيادة متفق عليها من الجميع ليندرج تحتها أهل النشاط الثقافي وأرباب الشأن الفكري وذلك لتوزيع الأدوار والاختصاصات والاستفادة من عائد الدعم الذي تجود به الدولة كحق طبيعي للمبدعين والناشطين الثقافيين بحيث يكون نصيب كل منبر بقدر حجمه وأثره في حركة المجتمع، وبالتالي نستغني عن أي دعم خارجي للمنابر الثقافية ربما يكون محل شك وريبة وعدم شفافية، ومن خلال ذلك يتم السعي نحو تجميع المنابر الثقافية وتوحيدها بالصورة التي يتوافق عليها الجميع دون تأثير من أي جهة أو سلطة.
* كيفية التجميع
لا يكون التجميع للمبدعين في السودان والتوفيق بينهم بقرار سياسي وأوامر من المسؤولين الرسميين من أهل الشأن الثقافي والفكري في مجالات الفنون والآداب والمسرح والموسيقى، ولكن يكون التجميع بواسطة المعنيين بإنتاج الثقافة بأشكالها المختلفة، إذ يصعب في مجتمع كالمجتمع السوداني أن تلزم الناشطين المعنيين بهذا الفهم وتصبح الدعوة للنقاش والمفاكرة من أجل وحدة المنابر الفكرية والأدبية هي المقدمة على ما سواها مع التركيز على الأساليب الموضوعية في إيجاد النقاط الجوهرية التي تجمع ولا تفرق بحيث تكون المنافسات حرة للإجابة عن الأسئلة مثل هل وحدة المنابر الأدبية والثقافية تكون بالتمثيل النسبي إحدى الوسائل الناجعة أم بالانتخابات الحرة أم بالتراضي وقبول الآخر على علاته؟ وذلك في حالة تأسيس اتحاد عام جامع لكل الأنشطة الثقافية والفكرية.
وحدة المنابر الأدبية والثقافية في السودان بالأسلوب الذي نطرحه للناشطين أمر يحتاج إلى مجهود كبير وصبر، يحتاج إلى جهد جهيد من عضوية هذه المنابر، وكذلك نجاح الدعم والرعاية من وزارة الثقافة ورئاسة الجمهورية حتى يتم التوحد والانصهار في كيان واحد جامع بالصورة التي يتم التراضي عليها والموافقة على ميثاق يحترمه الجميع، علماً أنه قد جاء في برامج اتحاد عام الأدباء والكتّاب السودانيين الدورة الثالثة 2013م ما يشير إلى الرغبة في التوحد ونبذ الفرقة والشتات مع نشر ثقافة قبول الآخر واحترام الرأي المخالف وإعطائه مساحة من القبول في إطار الممارسة الديمقراطية الحرة.
* وزارة الثقافة والدور الريادي
وزارة الثقافة في المرحلة القادمة التي يتم فيها التجميع ووحدة المنابر الثقافية سوف يكون دورها ليس إنتاج الثقافة وتكليف الموظفين الرسميين بأدوار فوق طاقتهم بل سيكون الدور الريادي لوزارة الثقافة هو توزيع الفرص بعدالة وتنظيم الأنشطة الثقافية بالتنسيق مع اتحادات الأدباء والفنانين وتشجيع الكيانات على اتباع تنظيم واحد لا تهيمن عليه الدولة كما هو معمول به في المجتمعات السياسية الشمولية وذلك لأن المجتمع السوداني بدأت الحركة الأدبية والثقافية تتبلور في دواخله منذ الثلاثينيات متباينة ومختلفة في مناهجها وطرحها وتأسست نتيجة لذلك مدارس فكرية انبثقت عنها تنظيمات سياسية وأحزاب وحلقات عرفت بمدرسة الأبروفيين ومدرسة الهاشماب ومدارس أخرى انعكست أنشطتها وبرزت من خلال صفحات مجلة الفجر، رموز فكرية مثل الأستاذ الشاعر محمد أحمد محجوب وخضر حمد وأولاد عشري الصديق وآخرون.
* الحاجة إلى التجميع
الحاجة إلى التجميع تمليها الضرورة القصوى وهي قلة الموارد الاقتصادية وانتشار المنابر الثقافية على امتداد الوطن الواحد بعيدًا عن الاحتكام لمواد القانون، إضافة إلى عدم وجود منطقة وسطى يتوقف عندها أهل الشأن الثقافي مما أسفر عن عدم تقدير هذه المنابر لبعضها بعضًا، وكذلك عدم الاعتراف بالفضل لأهله وانتشار أسالب (التكويش) والهيمنة وإقصاء الآخر والتقليل من شأنه ومحاصرته بالقدر الذي يجعل منه كيانًا هشًا غير مستفاد منه. أيضًا الحاجة إلى التجميع تعني إتاحة الفرصة لتمثيل السودان داخليًا وخارجيًا بحيث يكون وجه السودان وإبرازه بالصورة المشرفة هو الأهم وهو المقدم على كل شيء، ويترتب على ذلك عدم الاحتكار لتقويم أعمال الآخرين وإبداعاتهم وتضييق الفرص على أهل الفضل والتميز من الناشطين الثقافيين والمنابر الأدبية على ارتياد الآفاق الإبداعية وإثراء الثقافة السودانية بأدب اللامركزية.
ونرى أنه يجب الاهتمام بثقافة السلام وديمقراطية المشاركة وفوق هذا الاهتمام بإدارة مسجل عام الجماعات الثقافية بحيث يكون المكتب مهيئاً لأداء دوره بالصورة المطلوبة.
*ما نطلبه من وزارة الثقافة
ما نطلبه من وزارة الثقافة هو أن تكون بعيدة عن الصراعات وألا تكون طرفًا في أي قضية تخص المبدعين كما كان في عهد الوكلاء السابقين، وعلى وزيرها الهمام أن يفتح صدره ومكتبه للجميع خصوصًا للرموز الثقافية بلا (خيار أو فقوس) وأن يكون بره ودعمه متلاحقًا ليسع المنابر الأدبية والثقافية في حالة الشتات الراهن، وليدرك الوزير أنه ليس هناك ملاذ غيره لكل منظمات ومنابر النشاط الثقافي، وعليه فهو مكان ثقتنا إلى أن يجمع الله الشتات وتتم ولادة الاتحاد العام الموحد لأدباء السودان وكتّابه، ويكون التغيير والتنمية الثقافية هو الناتج بالفعل المكتسب للبيئة المحلية على امتداد ولايات السودان ومحلياته.
كما نطلب من الوزارة أن تعيد النظر في قانون الجماعات الثقافية لعام 1996م، وتعيد النظر أيضًا في سلطات اللجان المكونة لتمثيل السودان خارجيًا حتى لا نسلب حق الاتحاد العام للأدباء والكتّاب السودانيين بحكم عضويته في الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب ونعطيه لغيره بلا أي سند قانوني أو موضوعي، علمًا أن قانون الجماعات الثقافية لعام 1996م صدر في مرحلة غير ملتزمة بالنهج الديمقراطي.

 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق

أخبار مشابهة