الاربعاء, 30 أكتوبر 2019 00:51 مساءً 0 367 0
زواج القاصرات مشكلة مجتمع لها جذور
زواج القاصرات مشكلة مجتمع لها جذور

استطلاع:
بدور مبارك

زواج القاصرات وجد رفضًا من العديد من مكونات المجتمع السوداني، في الاستطلاع التالي ننقل لكم بعض الإفادات حول هذا النوع من الزواج:-
 يقول الأستاذ والإعلامي القدال المسلمي في حديثه: زواج القاصرة مشكلة حقيقية تحتاج إلى تكاتف الجهود حتى نصل إلى تحديد سن الزواج، ويرى أنه لابد من مراعاة حقوق المرأة خاصة صغيرات السن اللائي لم يجنين من تلك الزيجات إلا الألم والندم على حد تعبيره.
وأشار إلى أن الريف رغم الطفرة والتطور والإدراك والوعي الشبابي إلا أنه مازال يعيش في الجهل، وبعض الأسر ترى أن زواج الفتاة الصغيرة مناسب لابنهم فقد تكون مطيعة ولينة في تعاملها مع الجميع، إلا وضع اللوم على أهل الدين، وقال: لابد أن تكون هنالك قوانين تحمي المرأة عامة والشابات الصغيرات خاصة.
أحلام متناثرة
أما الأستاذة فاطمة أحمد فتقول: زواج صغيرات السن يحتاج إلى إعادة ضبط، وهي تتفق مع الأستاذ القدال، وأشارت إلى أن البنت الريفية سرعان ما تتحول إلى امرأة بعد الزواج مما ينسف طفولتها وتتلاشى أحلامها وتفتقر إلى المسؤولية تجاه زوجها وأهله ناهيك عن المتطلبات الأخرى، أما إذا بدر منها قصور فيرد عليها الجميع بقسوة وكأنها ملاك، ووجهت اللوم  للأمهات فهن الكنترول في كل شيء لأنهن لم يدركن حجم المسؤولية، رغم أنهن تذوقن ذلك الألم، فما بالهن إن أصاب الألم طفلة.
واقع مرير
وتشير فاطمة إلى حكاية عاشتها الأسرة ولم يندمل جرحها بعد، فابنة أختها التي تبلغ من العمر (١٣) عاماً وتدرس بالصف السابع، جاء ابن خالها الأكبر من إحدى دول المهجر وتقدم لخطبتها ونزل الخبر عليهم كالصاعقة، والفاجعة أن الأم كانت المصمم الأول، وكان كل حرصها كيف يتقدم ابن أخيها لفتاة أخرى وابنتها موجودة رغم صغر سنها، لكنها قالت كلمتها ولم تتراجع بقولها: (وصفوا لي منو الاتزوجوها صغيرة وماتت) وسكت الكل عن الكلام، تم الزواج بفضل الله وزغرد الكل، وبعد مرور بضعة أشهر على زواجها سافر الزوج وأرسل لهم ورقة الطلاق بحجة أنه لم يكن سعيدًا قط معها نسبة لتصرفاتها الطفولية، وقالت إن العريس قال ذات يوم إنها طلبت منه آيسكريم شعلة فهل تكون تلك امرأة مسؤولة.
الحال يغني عن السؤال
إحدى الصبيات القاصرات وتدعى (م.ع) روت قصة زواجها فقالت: فوجئت بأنني أحمل طفلًا في يدي، فقد تزوجت في سن صغير، وقالت إنها في الصف الثامن أحرزت نتيجة تؤهلها للمرحلة الثانوية وكانت ترغب في دراسة المساق العلمي لكن جاء شاب لوالدها وتقدم لخطبتها، لم استمر في الدراسة في الفصل الأول الثانوي، فقد حددوا موعد الزواج غير مراعين لتفوقي ولا لصغر عمري ولا حتى ضعف جسمي، وقالت إنها كانت على اتصال بالشاب وقالت له: «يا ود الناس والله ما تتوقع مني أي سعادة، لأنني نفسي غير مهيأة حتى تكمل الزواج، ياخي لو سمحت شوف ليك واحدة غيري) فرد عليها بكل برود: (أنا قلت كلمة لرجال ولن أتراجع، وبالنسبة للمدرسة مافي) لم تنجح في مسعاها بالمنطق أو التهديد، وأضافت: لم أكن أضع في حسابي أن الزواج مسؤولية بل حسبته حنة ولبس زفاف، وفوجئت بسوء التعامل من أهله ومنه، وقتها لم تكن لي علاقة بالمطبخ وضربت مثلًا بالشاي، فأنا لم أعد الشاي في بيتي أهلي قط إلا لنفسي، وبعد مرور عشرة أشهر أنجبت ولدًا فحمل اسم جده لأبيه، وبعد وضوعي بشهر واحد  تزوج عليّ ومن ثم قام بتطليقي، لم أع ذلك الأمر كله ولم أدركه أبدًا إلا في أعين أبي الذي أدرك متأخرًا أن ابنته أصبحت (عزباء) وهي في سن صغيرة للغاية.
وتقول: رغم ذلك دفعتي لم تسبقني كثيرًا فحملت أوراقي وذهبت إلى المدرسة، سألتها هل كنت متأثرة نفسيًا أم كنت عادية قالت لي: لم أكن متأثرة قط، فأنا لم أكن الوحيدة بالفصل الدراسي التي تمر بظروف مماثلة.
التقيت طبيبًا بالمشفى الريفي بالجزيرة سألته عن أسباب العمليات القيصرية فقال: من أكبر الأسباب التي تعاني منها الفتيات الصغيرات أنهن لا يتحملن الألم والمعاناة مما يجعلنا نلجأ في بعض الأحيان إلى العملية إضافة إلى ضيق المخرج وخوفًا على صحتها وصحة طفلها، حتى إذا كان المخرج مناسبًا قد نضطر إلى إدخالها للعملية حتى نضمن سلامتها وسلامة طفلها.
أما بالنسبة لأحلامها فقد تنتهي لأنها أصبحت مسؤولة وأمًا لطفل، لم تعد مثل رفيقاتها لتستمتع بحياتها، ربما تكون تعاني من هاجس من غير أن يشعر أحد بأنها تفتقد بعض الأشياء التي كانت تمارسها من قبل مثل الضحك واللهو مع قريناتها، فقد أصبحت امرأة كاملة الدسم تعاني أوجاعًا وصراعًا داخليًا، مثل رغبتها في دراسة الجامعة أو إكمال المرحلة الثانوية.
لم أتوقع
تقول: (أ- ن) إنها لم تكن تعلم أن الزواج مسؤولية نسبة إلى الضرر الذي لحق بها، وأشارت إلى مشكلة صحبتها منذ ثلاث سنوات بعد زواجها مباشرة وتتعلق بإصابتها بأمراض في الرحم، إضافة إلى الأثر الاجتماعي الذي لحق بمقاطعة الأخوات، وفي الوقت نفسه هو ابن خالتها، لم تعد الأسرة كما كانت من قبل، وأضافت أنها ترفض الزواج نتيجة للتعامل الشرس الذي كانت تجده من زوجها، وأشارت إلى أنه في فترة شهر العسل قام بربطها بملابسه على السرير إلا أنها نهضت بسرعة، ولم تعرف السبب.
رأي الدين
يقول دكتور محمد عبدالله كوكو: لا يجوز زواج البنت إلا بعد إكمالها سن الرشد أو بظهور العلامات الطبيعية لسن البلوغ ومن ثم استشارتها لأن هذا حقها الطبيعي، فهنالك قوانين تحمي زواج القاصرات.
باحث اجتماعي
أما الباحثة الاجتماعية أسماء جمعة فتقول: زواج القاصر يعني عدم قدرتها على التكليف كما يكلف الراشد، غير أن زواج القاصرات مصحوب بكثير من المشكلات الاجتماعية من حيث حرمانها من مواصلة الدراسة ورفقة صاحباتها مما يترك إثرًا نفسيًا ربما يصاحبها مدى العمر لا قدر الله، فالتعامل مع الزوج يحتاج إلى نضوج بدني وعقلي حتى تستطيع العبور بأسرتها المستقبلية إلى حياة خالية من الخوف والقلق.
 ومن ضمن الأضرار والمشكلات الاجتماعية  تفكك الأسر وقد ترجع إلى أسرتها مطلقة مدمرة وهذا من أكبر الأضرار التي تعيشها البنت.

 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق