الثلاثاء, 03 ديسمبر 2019 01:24 مساءً 0 287 0
ايام وليالي
ايام  وليالي

لا اللون و لا الاشياء و لا البنادق

عجلى هي الخطوات.. السكة لا تعرف العجلة ابداً... صامتة على مر السنوات، حقيبتي عجلى تثير حفيظة السكة الصامتة، طريق لا يعرف جلبة الركشات ولا اصوات العجلات.. للحقيبة عجلات لم تصنع لهذا الطريق، سكة متناغمة مع الحوافر واقدام السابلة.
حرة هي خواطري.. اسرع من خطواتي جرياً على طريق معبد في بلد آخر في قارة اخرى.. لا احب القيود.. غير ان رجلي مقيدتان بخطوات محسوبة رغم إنها  تبدو متعجلة  في سكة لا تحب العجلة.
صباح جديد.. العصافير والطيور تسابق  من علٍ البغال الحمير والحصين والفلاحين، تغدو تبحث عن رزقها.. وتزقزق  مسبحة بحمد الله فرحة مستبشرة اصابتنا بعدوي فرحها واملها في يوم جديد من ايام الله على الارض.. كانت الدنيا خضراء كالحقول المخضرة على امتداد البصر.. وغبار السكة يحمل بعضا من ذكريات ايام الدراسة وطلب العلم.. والسلام والتحيات في صباح مشرق جديد، اطلت شمسه على استحياء بين الغيوم والسحاب.. وبرد خفيف يزيد من حيوية الصباح المشرق الجديد.. اصوات وجلبة وبداية ككل البدايات.
 فجأة انطلق صوت عيار ناري من بندقية من تلك البنادق التي لا تعرف غير  قتل الكلاب، لقي كلب مصرعه هذا الصباح على يد قاتل كلاب محترف.. خرطوشة واحدة اردته قتيلا.. تعالى عواءالكلاب ونهيق الحمير وصياح الديوك وهروب الطيور.. كنت في منتصف الطريق غارقا في خواطري غير مدرك لما يدور من حولي اجر حقيبتي وعجلاتها تكاد تنغرز  في ارض السكة الطينية... كنت قد نقلت مشاعري واعجابي بالصباح والعصافير ولمسة الدفء والشمس المتسللة إلى بلد بعيد  اصبح بيتي وموطني، كنت افكر في طريق طويل يمتد من القرية إلى المدينة إلى العاصمة إلى المطار إلى حيث يجب ان اكون في قارة اخرى من قارات الدنيا.. ثمة اصطدام عنيف طارت الحقيبة من يدي، وطرت أنا وثمة ما يدفعني بقوة إلى الارض.. لم تعد الاشياء  هي الاشياء، ولا المكان هو المكان ، آخر ماتذكرته بياض حولي واصوات مختلطة بين ناعمة وخشنة، وحقنة تسرى في وريدي، وسمعت ان طلقة ستخرج من جسدي.. لا للون غير البياض ولا الاشياء غير جسدي المنهك تتلقفه ايادٍ قاسية، وروحي هائمة غير مستقرة.. والبنادق  التي تنطلق من جديد و  يكاد صوتها يصيبني بالصمم.. والكلاب تتناوشني تكاد تفتك بي.. ويد حانية تربت على شعري ادركت انها امي.. استسلمت في خدر لذيذ والعصافير  تزقزق والحمير والبغال والسابلة والفلاحين وحقيبتي  تحدث صوتا مزعجا والقطار السريع يتحرك وانا اعدو خلفه ولا اكاد ادركه.. الالوان والبنادق الطيور والسابلة.. صباح يتنفس من جديد.. ويد حانية ماتزال.

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

hala ali
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق