السبت, 14 ديسمبر 2019 00:53 مساءً 0 337 0
البصمة
البصمة

النائب العام .. بين دفتي الرحمة والعدل

اقتضت مشيئته تعالى أن تكون أسماؤه الحسنى التي تحمل صفاته العُلا أن تبدأ باسم الجلالة «الله لا إله إلا هو» وأن يكون الاسم الثلاثين هو «العدل» وقضت حكمته أن يكون مرتكز الميزان بين اسم الجلالة والعدل، هما «الغفار» و»القهار» 15 و 16 على التوالي خمسة عشر في كل كفة فيُنصب ميزان العدل، يمينه المغفرة وشماله الأخذ بالعدل، ثم تتوالى البشائر بعدها «الوهَّاب، الرزَّاق، الفتَّاح» سبحان الله، مغفرة ورزق وهبة وفتح، هذا هو العدل المسبوق بالرحمة، وأي منظومة تدعي العدلية وتخرج عن هذا التناغم فهي حيف وخُدَّاج.....
سيدي النائب العام، إن كانت تصدق مقولة أن المنصب هو ما يهجم على متقلدِه فستصدق عليك أنت دون شك، فقد هجمت عليك النيابة، فالكل يشهد أنك اعتذرت بتلك الطريقة العلمية المحترمة المسببة كتابة وتوثيقاً، وسأكتفي هنا بما كتبه الأستاذ حامد عوض حامد المحامي النابه، على صفحته بالفيس بوك واستميحه عذراً إذ يجب علي أن استأذنه في الاقتباس، وهو لا يعرفني ولكنني أعرفه من كتاباته، فجاء على صفحته في الفيسبوك 28 سبتمبر 2019 ما يلي:
«ليس من اللائق ، طبعا ، المضي في تقريظ شخص واحد و تمجيد اوصافه و صفاته و تقديمه قبل الاخرين، فتلك عندي من المنكرات. غير ان رسالة اعتذار شجاعة و متواضعة ارسلها المحامي المخضرم تاج السر الحبر لكرام رشحوه، تناقلتها الوسائط ، تلزمني ببضع كلمات في حق الرجل....
لم اعرف زميلا صديقا عشق مهنته كعشق « تاج السر الحبر» للمحاماة ؛ فقد كانت روحه و قلبه و عقله. وعندما كنا علي بدايات الخطوات في المهنة، رأيناه كثيرا جادا و سعيدا بين ساحات دور العدالة متأبطا امهات المراجع و المباحث و هي ثقيلة علي الحمل كما هي ثقيلة احيانا علي الفهم. و كنا كثيرا ما نسعى للقائه و الحديث معه حول الاحكام و القرارات والكتب ونستبق الي مقعد في محكمه يترافع امامها او نجالسه في منزله ببحري بدعوات من الاديب الصديق إبن خالته الذي هو بمثابة شقيقه التوأم سليمان الامين.....
الان بعد اكثر من اربعين عاماً قضاها في اروقة مهنته حبا و عطاءً ، يكتب رسالة ارادها اولاً في بريد اهل مهنته  كذلك الي قبائل السياسيين وصفوف العساكر الواقفين حيري على جوانب الطريق!
اراد «السر» في رسالته ، ليس فقط ان يعتذر بأدب للكرام الذين رشحوه ، و لكن ايضا ان يضع من خلالها أدباً سياسيا رفيعاً و أن يعتذر بها الي مهنته و هو يعلم ما حاق بها و بالمؤسسات القانونية و العدلية عامة من ضرر ماحق. ان أهم ما أراد ان يقوله « السر « ان وجوده او وجود غيره على رأس النيابة (و القضاء) لن يكون حلا لمشكلات المنظومة العدلية التي نخرها في العظم سوس الفساد الإداري و الضعف المهني و الفقر التشريعي... و ان إصلاح مؤسساتنا العدلية، كما يريد الحبر ان يقول، يحتاج لوقت و جهد عظيمين لابد ان تتوافر به الموارد البشرية الكافية و القوانين الصالحة تعمل في اطار دستوري فاعل و متين. و في هذا تقول « «رسالة الحبر»:
« ان القوانين المعمول بها حاليا تقف أمام النائب العام ورئيس القضاء في اتخاذ الاجراءات اللازمة لإعادة الهيكلة لمؤسسة القضاء والنائب العام وسيظل النائب العام جالساً دون ان يتخذ الإجراء الضروري اللازم لإعادة بناء الاجهزة المذكورة ، وأي قرار يتخذه يكون عرضة للإلغاء بدعوى الطعن الإداري كما حدث في إبعاد احد المستشارين بالنيابة العامة وستظل يده مكبلة بقيود لا تمكنه من انجاز المهام خاصة وأن هنالك ملفات تحتاج الى حركة سريعة وعاجلة حتى لا تضيع البينات وينقضي الأمر سلبا ، والسلحفائية التي تتم بها عملية اصدار التشريعات المعدلة ستجعل من العسير النهوض بالواجبات التي تتطلبها طبيعة القضايا واضعين فى الاعتبار وضعية المرحلة الانتقالية..»
« ان النيابة بوضعها الحالي تحتاج الى دعم كوادر متمرسة في العمل الجنائي والتحقيقات ولربما يتطلب ذلك الاستعانة بالخبرات القانونية من المحامين. وقانون النيابة العامة لسنة 2017 المعمول به لا يترك مجالا لذلك» « ان ما نحتاجه (هو) ان يتم اجراء التعديلات اللازمة حتى يتمكن النائب العام من النهوض بمهامه فضلا عن استقرار آلية التعيين (في الوثيقة الدستورية). اذا لم يتم حسم هذه المسائل قبل تولى المنصب فانه من الصعب للنائب العام انجاز المهام»
هذا ما هو معلوم ومنشور، ولكن ما هو غير المعلوم، الكم الهائل من الضغوط التي مورست عليك لأن القوم لم يجدوا غيرك لهذه الشيلة الثقيلة، والله يعلم كم قاومت، وسافرت إلى البلد وأغلقت الهاتف واحتميت بأجدادك التسعة التسعين وتامين المية بي قرشي ود فكي، صُلَّاحْ الكريدة، والمسجد والمسيد، تفادياً لهذه الأمانة، ولكنهم لحقوا بك، وجاءوا بك مكرهاً لهذا الموقع الحار المنفر للشرفاء، والمغري الذي يسيل له لعاب الفاسدين الطامعين.
ما أود أن أخلص إليه في هذا الجزء من سلسلة المقالات التي أوحت لي بها قضية الأستاذ وجدي ميرغني، أقول لك إنك الآن لست تحت ضغط من أي من القوى التي رشحتك، فلقد رشحوك وأنت رافض وزاهد، وستكون أسعد الناس لو أعفوك، إذن لا تأبه لأحد لا لرأي السلطة السياسية ولا لرأي الشارع، فقط صوت الحق والضمير. ولي عودة عن وجدي ميرغني محجوب الملياردير العصامي.(0900909299)

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

hala ali
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق