الثلاثاء, 21 يناير 2020 02:33 مساءً 0 277 0
سبر غور
سبر غور

 محمد حمزة

هل سننعم بوطن رحيم ؟

كثيرة جدا الأمثلة التي تحكي صراحة عن كثير من قادة حقيقيين وأفذاذ آلت إليهم   مقاليد الامور في بلادهم التي كانت في درك سحيق وجب عميق من العناء وشبه الفناء ، تعاني شعوبها الامرين وترزح تحت وطأة خط الفقر وتدميها حوافر البؤس المهين، وسهام قهر لئيم تتناوشهم من كل جانب، أمثلة حية لرجال اشاوس لم ترفع لها شعارات واهية ولا بيانات فضفاضة خاطئة كاذبة، أمثلة بصور حية يتحسسها العالم الحر ويرنو اليها بإعجاب عجيب، وتتلمسها الشعوب بأناملها حتى يتصبب الفخر عرقا من الخلال اعتزازاً يندى له الجبين، أمثلة راسخة شامخة على مستوى العالم وفي كل القارات بلا استثناء بل وحتى في العالم العربي وفي تاريخه هذا الحديث لنا عبر، وما شيخ زايد رحمه الله عنا ببعيد .. كانوا قادة كالجبال الشم لم تحنِ هاماتهم رياح الضغوط ولم تقتلع جذور مبادئهم إغراءات السلطة ولا عواصف المال الهوجاء، بل عرفوا كيف يواجهونها ويوجهونها  لتحقيق أحلامهم الكبيرة ومآرب الشعوب، فرسموا بذلك نقشا مزخرفا جميلا على القلوب مدى الأزمان.

أما هنا وفي بلاد السودان الأرض البكر التي تنتج كل شئ ثمين ، ونيل فحل تؤازره السماء بماء منهمر يزيد من قدرته على إنجاب موائدَ تفي العالم بأسره إلا أن يد فراعين السياسة ما برحت تمتد وتمتد وتأبى إلا أن تَئِد هذا الخير وتدفنه في أحشاء أمه لتموت كمدا وحسرة هي الأخرى ليتشرد أبناءها في دهاليز السنين.

فقد تكاثر عليها الظالمون من كل مشرب ومنهل  كالسكارى يترنحون، فما أفلحوا بل كُلٌ يزيد عذريتها فَضَّا ! فمنهم من جاء بديمقراطية مشوهة باهتة أعيتها تجارب الاستنساخ، فهي بالأصل وليد شرعي لأكبر بيوت الديكتاتورية في السودان من أحزاب الأهل والعشيرة، وفاقد الشئ بالطبع لا يعطيه، ومنهم من اعتلاها في ليلة عتمة حالكة السواد  على ظهر مدرعة  غادرة وفي خياله انه على جناح حمامة ويحمل غصن الخير  بيد وعصا موسى بيد أخرى لدرجة يكاد ان يقول إنه رسولا ! والنتيجة وهنٌ لو تعلمون عظيم !!

دمرت المصانع وانتهكت حرمة التعليم .. وشيعت المستشفيات إلى مثوى العدم، ودفنت الصحة في مقابر الغلاء، وأصبح الاقتصاد مخنثا والجنيه وضيع تحتقره أهون العملات في وضح النهار ، ماتت الفضيلة وحلت الرذيلة وقضى نحبه الأمان وذبل كل وجه جميل في سوداننا المشرق الصبوح رغم كل شئ حتى صار كعجوز لعب بملامحها الزمان فأخذت تندب حاضرها وتتباهى بماض بهي تولى وسط حسناوات يشع من وجوههن الجمال، فلا عمرها يسمح لها بالمجالسة ولا وجهها يبيح المجانسة .. ! فمن ذا الذي يترجم أحلامنا البسيطة بعيش كريم وأمن وأمان الي واقع وارفٍ محسوس، ومن ذا الذي يحكمنا فلا يرى كرامة له إلا بكرامتنا نحن أولاً ويتيقن ان الأمر حينما يتعلق بكرامتنا وعزتنا فإننا نزيل من حياتنا كل قاموس به كلمة الخوف، ومن ذا الذي ينتشلنا من غياهب الضيم ودياجير العناء المرهقة، من ذا الذي يحكمنا ويعلم ان هذه الأرض لنا، هذه الثروة لنا، فحن شعب يحمل في جوفه كل المُوثِبات والمحفزات التي تجعل الحاكم يحكمنا بحلم وعدل وقسطاس مبين ولكنهم يخادعوننا حتى نخلعهم وهم لا يشعرون .

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

hala ali
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق