الاربعاء, 22 يناير 2020 02:53 مساءً 0 327 0
المنبر الحر
المنبر الحر

حميدة بشير

إضاءات حول المشهد السياسي بولاية شمال كرفان

معيار تقويمنا لأي نظام سياسي أيًا كانت أهدافه وكيف كانت منطلقاته يكمن في مقدرته على استيعاب الفعاليات السياسية والمجتمعية، وهذا يقودنا إلى قراءة الخارطة السياسية بولاية شمال كرفان قبل الثورة وبعدها، حيث كانت الخارطة السياسية بالولاية مكونة من أحزاب معارضة وأحزاب موالية تلك المنضوية تحت لواء التحالف المعارض والتي لديها كثير من الفعاليات والأنشطة السياسية عبر منتدياتها الراتبة بدار المؤتمر الشعبي تتناول فيها قضايا وهموم الوطن وكل الأزمات التي تواجه المشهد السياسي، وعندما جاء أحمد هارون واليًا للولاية التقى بجميع الأحزاب السياسية عبر زيارات لرؤساء الأحزاب السياسية المعارضة والموالية، وعندما طرح مشروع نهضة الولاية شمال كرفان تفاعل مع المشروع مواطنو الولاية وكل القوي السياسية بالولاية، وعندما طرحت الوثيقة على رئيس الجمهورية آنذاك، حاول الرئيس استفزاز المواطن الكردفاني فيما يتعلق بمشروع المياه، لم ترض قوى المعارضة حديث رئيس الجمهورية، وعبر لقاء عابر أصرت قوى المعارضة على عقد مؤتمر صحفي بدار المؤتمر الشعبي للرد على حديث رئيس الجمهورية، تم اعتقال رؤساء أحزاب المعارضة وجميعهم أمن على قيام المؤتمر لأن حديث رئيس الجمهورية لم يعجب القوى السياسية ومواطن الولاية.
بعدها كانت هناك اجتماعات راتبة مع  جميع قيادات العمل السياسي بالولاية حول مشروع نهضة الولاية والتي بلغت ثمانية عشر اجتماعًا، قدم كل حزب رؤية مكتوبة عن نهضة الولاية، وفي ختام الاجتماعات كونت لجنة من الأحزاب المعارضة والأحزاب الموالية للمؤتمر الوطني لوضع ميثاق شرف لممارسة العمل السياسي بالولاية، استطاعت اللجنة وضع ميثاق الشرف وكان بغياب الحزب الشيوعي وحزب المؤتمر الشعبي، وبعد القراءة الأولى والثانية اعترض حزب البعث العربي الاشتراكي القومي على الإجازة إلا بعد مناقشة الحزب الشيوعي وحزب المؤتمر الشعبي، وعندما طرح الميثاق كان ذلك في منزل رئيس حزب الأمة القومي منصور ميرغني، حيث حضر كل من الأمين العام للمؤتمر الشعبي ضوينا وعثمان حسن صالح رئيس الحزب الشيوعي، وتم إطلاعهم على الميثاق ووضع كل منهم ملاحظاته وإضافاته، ورجعنا إلى اللجنة وقلت بالحرف الواحد إذا لم تضمن ملاحظة الشيوعي والشعبي سوف ننسحب، فتم تضمين الملاحظات والإضافات التي تقدموا بها، ومن هنا أصبح مشروع النهضة مشروعًا جمعيًا بمشاركة كل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني حيث وجد الدعم اللوجستي والسياسي من الجميع.
الضبابية التي تخيم على الجانب المالي في المشروع أحدثت الاحتقان السياسي، صحيح المشهد السياسي بولاية شمال كرفان حالة استثنائية حسب رؤية القوى السياسية المعارضة أن تقبل من حجم المعارضة حتى يتحقق المشروع النهضوي.
إفرازات السياسة السلبية للمشهد السياسي، كانت هناك عتامة في الرؤية الفكرية وملامح عدم الوعي السياسي وارتفاع معدل الأمية السياسية واعوجاج نمط التنشئة الاجتماعية كل هذا قاد إلى التخلف الاقتصادي وانفصام بين الحاكم والمحكوم، الأزمة بكل أبعادها السياسية والاقتصادية انتجت الاحتقان السياسي في الساحة السودانية إضافة إلى حجم الفساد الذي انتشر في متوالية هندسية.
كل هذه المؤشرات قادت الشعب السوداني للقيام بثورة ديسمبر لإسقاط نظام الحزب الواحد وتفعيل فكرة التغيير السياسي أو التحول الديمقراطي سواء كان ذلك مرحليًا أو جزئياً والخروج من دوامة اليأس والإحباط في عقلية النخب السياسية وفتح باب الخبرة السياسية لتساهم  بنصيبها في إضاءة الطريق أمام التعامل مع مشكلة البلاد والعباد بالفهم الموضوعي والعلمي بمنهجية جديدة تتبنى استقراء الواقع السياسي والاقتصادي برؤى وفق محور الحوار حتى لا يصبح السودان حقل تجارب تلتقي فيه المصالح الدولية.
ففي ولاية شمال كرفان هيمن الحزب الشيوعي على قوى الحرية والتغيير وعزل من يشاء من القوى السياسية بحجة المشاركة، فالجميع في ولاية شمال كرفان شارك بصورة أو بأخرى، وعلى القوى السياسية بولاية شمال كرفان أن تحدد موقفًا واضحًا من الحزب الشيوعي  وبقية الأحزاب التي ساقها إلى خطة لأن الثورة للجميع، فالجميع شارك فيها دون استثناء.
والأحداث الأخيرة مؤشر خطير ومهدد من مهددات الثورة، فالتفكير الجمعي لمواجهة المرحلة المقبلة مهم، ولا بد من الابتعاد عن سياسة العزل والإقصاء التي تؤدي إلى توسيع دائرة المعارضة للثورة.

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

مسئول أول
المدير العام
مسئول الموقع

شارك وارسل تعليق