السبت, 25 يناير 2020 01:08 مساءً 0 301 0
همس الخواطر
همس  الخواطر

 د. فاطمة عبد الله

قفة فرح ... والشوق كميات

قبل مدة ليست بالقصيرة وجدت ابنة جارتي مع صديقاتها تجهز مجموعة من الهدايا المختلفة بطريقة لافتة ، فسألتها عنها ؟ قالت لي : نجهز ( قفة فرح ) لصديقتي تريد إهداءها لخطيبها .. وكانت هذه المرة الأولى التي أسمع فيها مصطلح (قفة فرح) .. وتذكرت ذلك الزمن الذي كانت فيه الخطيبة تقتصر على إهداء المناديل المطرزة .. والخطابات المعطرة .. المتسمة بالحياء والخجل .
جيل اليوم لديه اهتمامات مختلفة بتفاصيل تثبت أن لديه أفهام مغايرة عن العلاقة بين الجنسين وبطريقة أكثر جرأة ، وأكثر انفتاحا مما كان يحدث في أجيال سابقة .. ورغم حميمية التواصل التي تجمع اليوم بين المحبين والمخطوبين إلا أنه الجيل الأكثر فشلا في التعامل مع مشاكل الزواج ، والأكثر سرعة في اتخاذ قرار الطلاق لأقل الأسباب .
التواصل التفصيلي الذي يستغرق عدد كبير من ساعات اليوم بين المخطوبين في هذا الزمن يجعلك تتساءل عن سبب سرعة غياب هذه الحميمية التي ترمي بالحب من الشباك عند التحديات الحقيقية التي تواجههم كأزواج ، في حين أنه قبل الزواج كان هناك استعداد للذهاب أبعد من الشمس للارتباط بالمحبوب .
جيل الشوق كميات ، والمحتفل بالفلنتاين ، والذي يسامر المحبوب حتى ساعات الصباح الأولى ، لديه صبر على الحب .. ولكن ليس على مشاكل الزواج .
هذا الجيل الذي تردد فيه الإناث أن أهم ما تريده ممن تريد الارتباط به هو الاهتمام بتفاصيلها -التي لم تخطر على بال أمهاتنا سابقا - وهذا حديث سمعته لكثير من الفتيات ، وعندما نركز على كلمة (التفاصيل) نجد أنه ماعون واسع تضع فيه كل أنثى ما تشاء ، ولكن فيه قليل من النضج المخلوط بأفهام الحرية الخاطئة التي تعيق الشباب عن إدراك ماهية معنى الارتباط الحقيقي ، وأهدافه ، وسبب وجوده ، والمترتب عليه .
ازدياد حالات الطلاق اليوم وسط الشباب ، وخاصة في سنوات الزواج الأولى ، والذي يكون في غالب الحالات طلاقا نهائيا لا رجعة فيه ، حتى ولو كان طلقة أولى .. وقد تكون سبقته قصة حب عنيفة ، يجعلك تفكر إذا كان هذا يدل على عملية سريعة تحسم علاقة لا يمكن أن تذهب للأمام ، أم على عدم نضج في التعامل مع مسئوليات الزواج .. أم لكثرة توفر البدائل التي تغنيك عن محاولات الإصلاح ؟ وفي كل الأحوال لا يمكن أن يقال عنه أنه إيجابي ، بل يحتاج دراسة تبحث العلل وسبل معالجتها .ششباب اليوم يطلب ما لا يليق ، ويطلب أكثر مما تعطيه مشروعية العلاقة ، وإذا تم الرفض يحدث معه اعتقاد بالتخلف والرجعية ، لذا لم تجد الشاب المناسب الذي يحترم عقلها وما يسمح به دينها .
سهولة الانفتاح على العوالم والثقافات الأخرى ، والتكنولوجيا التي جعلت من العالم قرية صغيرة أثرت على الطبيعة المجتمعية عندنا ، وجعلتنا أكثر انفتاحا على ثقافة الآخر ،وجعلت مفاهيم الشباب خليطا من مؤثرات كثيرة أندثر معها بعض ما كنا نعده ثوابت غير قابلة للتغيير عند جيل لا ثوابت عنده ، يتغير يوما بعد يوما ، إيجابا أو سلبا ، ولكنه يملك طاقات عظيمة تحتاج من يقودها بطريقة تخرجها من مكامنها لتحقق شعارات التنمية والتعمير ..
جيل اليوم يحتاج اهتمام برعاية أبوية وعلمية ، فهو متفرد بخصوصية مختلفة قادرة على بناء هذا البلد إذا وجد الرعاية المناسبة القادرة على تقويم المعوج منه ، واستثمار الصالح فيه .

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

مسئول أول
المدير العام
مسئول الموقع

شارك وارسل تعليق