الأحد, 26 يناير 2020 02:23 مساءً 0 572 0
بذرة الحياة
بذرة  الحياة

وفاء جميل

مِن جوبا سلام (3)

ليس بالغريب و لا بالبعيد و لا بالجديد أن تكون جوبا راعية للسلام في السودان الشمالي ، و ليس بالمستحيل أن يستتب الأمن القومي و تستقر البلد و تتفرغ للنماء و البناء ما دامت الإرادة متوفرة و العزيمة متواصلة و الأماني معهودة و معقودة على رجال كان همهم المهم و شغلهم الشاغل هو الوطن ، و إنتماءهم الوطني جدير بتحدي الصِعاب ، و خوض المعارك للوصول إلى الأهداف المنشودة ..
بالأمس و الأيام الفائتة شهدنا عدة توقيعات إطارية عليها تبدأ مرحلة نهائية لإتفاق شامل مستدام يحقق كل الأمنيات و يلبي الطموحات ، و يرتقي للتوقعات و الآمال و الأمان بالمناطق المختلفة بالبلاد ، و يوقف نزيف الحرب و يكون بلسم للآلام التي طال مداها منذ سنوات طِوال على أجزاء الوطن ، هنا نشكر الله على هذه النِعم ، و نطمح في أن نرى السلام مُعاشاً بين الناس في كل ربوع السودان ، و هو خير برهان بأن مكتسبات الثورة باتت واجبة و مستحقة ، هو تجسيد لنجاح ثورة ديسمبر المجيدة ، و أن المناخ مواتي لكل حاملي السلاح للإنخراط في قضايا الوطن و العمل معاً مِن أجل النهضة و التنمية بالبلاد ، و نجدد ثِقتنا التامة في طرفا التفاوض بأنهم يتطلعون إلى عهدٍ جديدٍ يحمل سِمة الوحدة و التكاتف و التعايش السلمي وسط المجتمع السوداني بروح الإخاء و التفاؤل الذي يسود قاعات التفاوض الآن مما يشجع على التوافق التام و الإنسجام بينهما ..
و للرجوع لأجواء المفاوضات بين الحكومة الإنتقالية و الجبهة الثورية و المسارات الأخرى ، للأسف الشديد نرى مزايدات ظهرت مؤخراً على ملف السلام و أدت لتعطيل الأشياء المهمة و العالقة بسبب تأخر السلام ، بحسب نص الوثيقة الدستورية للفترة الإنتقالية لإرتباطها بتوقيع السلام النهائي بشكل مباشر ، و لابّد أن يتم إنتهاج و تغيير لعقلية مسألة التفاوض إن تعذر الوصول لسلام شامل خلال الطريقة الكلاسيكية المتبعة الآن ، و بالضرورة أن تكون هنالك إرادة سياسية حقيقية تُقدر التضحيات التي تمت في الثورة ، و ليس من المعقول أن يأخذ التفاوض كل هذه الفترة لأن يتفقوا على أشياء هي أصلاً متفق عليها بمجرد سقوط نظام الإنقاذ ، و أحياناً تتضارب الأخبار ما بين إنتكاسة في التفاوض و تراجع ما بين إثبات للمعلومة و نفيها ، و بالتالي يحدث تشويش للرأي العام و يظل في حيرة مِن أمره ..
لذلك إذا إفترضنا أنه تم التوقيع على السلام الشامل و نتمنى ذلك  ، إذ أنه ما بعد الوصول  لهذا حتماً ستكون هنالك تحديات تُجابه تطبيق السلام على أرض الواقع ، و سنواجه مسألة المحاصصات في تعيين الولاة و المناطقيات ، لذلك يجب وضع توصية للحِفاظ على السلام منذ مراحل التفاوض الآنية مروراً بآليات تضمن له الثبات من الإنهيار و عدم العودة للمربع الأول ..
يظل السلام من مكتسبات الثورة و واجب على حكومة الثورة أن تجتهد لتحقيق المطالب الشعبية و هو رسالة واضحة بأن لابّد أن تكونوا قدر المسؤولية يا إما أن يكون هنالك ردود فعل غاضبة ليست بملف السلام فحسب ، فالوضع الإقتصادي و الإنساني أصبح مزري و غير قابل للتحمُل ، و لا يُعقل أن يكون هنالك تفاوض على طاولات ، و على الأرض حروب دامية تأكل الأخضر و اليابس ، كيف تستوي المفاهيم ، بل كيف يستقيم الظل و العود أعوج ..!!
و نرسل نداء عاجل للإنتقالية تجاه هذه التفلتات ، لأنها ستؤثر سلباً على حياة المواطنين و على مجريات الأحداث ، حتى على مستوى المفاوضات نفسها ، لذا نرجو أن تلتفت الحكومة و الجبهة الثورية و كل الحركات لخطورة هذه المواجهات و تعمل على تداركها ، لأنه السلام ليس تفاوض على طاولات فقط ، و ليس حِبراً على ورق ، بقدر ما هو سلام داخلي و واقعي يشعر به المواطن تجاه أخيه ، و كذلك سلام مُعاش بين الناس يراهُ الكل بأعينهم و يستشعرونه بحواسهم و يمارسونه في حياتهم اليومية ، إذن هذا هو السلام الحقيقي الذي يتطلع له الشعب السوداني و به يرتقي و ينهض ..
للحديث بقية

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

مسئول أول
المدير العام
مسئول الموقع

شارك وارسل تعليق