الاربعاء, 05 فبراير 2020 01:39 مساءً 0 588 0
اللفة الاخيرة
اللفة الاخيرة

يسرية محمد الحسن

المهيب صدام حسين (1 ـ 3)

رن جرس الطوارئ بشدة فزعت ومن معي بالغرفة... ومازال صوته  العالي المزعج يدوي..... صوت أقدام  تهرول  في الممر  وتختلط بهمهمات تعلو أحيانًا. وتخفت حينًا.. نزلت من على السلم الصغير  حيث كنت أنام على سرير من طابقين تقاسمني إحداهن الجزء السفلي منه وجدت من معي بالغرفة وكن ثلاث نسوة في ذهول وخوف شديدين..  ونحن نستمع إلى صوت المايكروفون الداخلي  بالغرفة.. هلموا جميعًا  إلى سطح السفينة... هناك غزو  أمريكي أطلسي  على سفينتكم.. رسل السلام... نرجو سرعة الوصول إلى السطح... زحام شديد على الممرات الداخلية للسفينة العراقية ابن خلدون  التي أقلت على ظهرها ما يربو على ستمائة امرأة وطفل من الدول العربية كافة وبعض الشخصيات العالمية  البارزة المحبة للسلام  من أنحاء متفرقة من العالم..... إضافة بالطبع إلى طاقم السفينة  المكون من القبطان  ومساعديه  والعمالة الفنية..... أيضًا  كانت هناك فرقة موسيقية ضخمة يتقدمها أشهر فناني الغناء في دولة العراق الشقيق  تقيم لياليها الغنائية مساء كل يوم  على ظهر السفينة للرحلة  التي استغرقتها  ابن خلدون  وهي تجوب مرافئ الدول العربية  المطلة على البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر وخليج العرب  لانضمام المشاركين في هذه التظاهرة السلمية للنساء العربيات  استنكارًا. وشجبًا. لحصار العراق  الذي فرضته  قوى الاستكبار العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على شعب العراق في العام  1991.
ابن خلدون السفينة العراقية الضخمة طوابقها العشر تضم ناديًا للسينما وملاعب رياضية ومستودعات التخزين  بها تفوق تلك الأكبر  سعة لمخزون إستراتيجي لأعظم دولة  بالمنطقة.. هكذا هي دون أي مبالغة.... إضافة إلى روعة تصميمها الخرافي... كان العلم العراقي يرفرف على سارية السفينة في تحد واضح  وصريح  لقوات التحالف  التي تمركزت بقواتها وحاملات طائراتها ومدمراتها وأساطيلها  البحرية  القتالية العظيمة  والمتطورة  في قلب  الخليج العربي.
قبل الغزو لسفينتنا بيومين متتاليين وحين كانت تبحر بنا ابن خلدون عباب الخليج  ومع شروق شمس كل يوم جديد.  نصطف  بعد تناول الإفطار على السياج الخارجي للسفينة ننظر إلى مياه الخليج  وسمائه... وتتلاعب  من حولنا  الدلافين  الأليفة  والمحبة للإنسان  في استعراض بهيج  تقفز من المياه  في تشكيلات  مبهرة تماثل في ذلك  أعظم  إخراج لعرض مسرحي استعراضي  بهيج لأعظم فناني  ومخرجي الروائع الاستعراضية بالعالم.
سبحان الله الذي وصف لنا مخلوقاته جميعًا بأنها أمم أمثالنا. لا ينقص هذه الحيوانات البحرية الرائعة إلا أن تنطق.. بينما أصواتها تشبه  إلى  حد كبير زقزقة العصافير.. يا الله .. كم كانت سعادتنا  بها وسعادتها بنا..... تلتصق بأجسادها بالسفينة ونحس بفرحها  الغامر بنا في رشاقه حركتها وهي تقدم عروضها الاستعراضية الفنية المذهلة احتفاءً بمقدمنا إلى ديارهم... أو هكذا كنا نترجم لغة أجسادها  البديعة وهي تتقاذف من على المياه  من حولنا مرحبة بنا أيما ترحيب.
عطفًا على ما سبق ذكره وقبل الغزو بيومين وحين نصطف في مواعيدنا اليومية على السياج الخارجي لابن خلدون ننظر إلى الأعلى  فلا نرى  غير سماء  زرقاء.... ونعيد  البصر كرتين  فينقلب إلينا البصر هذه المرة إلى الأسفل فلا نرى غير مياه الخليج الزرقاء   لكنها كانت تبدو شديدة السواد لنعلم من الكابتن العراقي عماد ذي الثمانية وثلاثين عامًا أن عمق الخليج يجعل خداع البصر ممكنًا... فيصير لون المياه أسود داكنًا كما نراه.. لكنا في ذاك الصباح  فوجئنا  بطائرة تشبه إلى حد كبير  تلك الطائرات  الحربية العتيقة  التي كانت تستخدمها قوات التحالف في الحرب العالمية الثانية...... تشبهها إلى حد كبير  بيد أنها  لا تحمل أي إشارة  تدل على هويتها  سوى أرقام كتبت  على جناحيها   حيث كانت تلك الطائرة  تطير على  ارتفاع منخفض فوق سفينتنا ابن خلدون..... ربما كان يتم تصوير كل شيء بداخل السفينة.... أو هكذا ظننا.... وليس كالقول إن بعض الظن إثم... إنما هو كذلك.
غدًا نواصل

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

مسئول أول
المدير العام
مسئول الموقع

شارك وارسل تعليق