الاربعاء, 05 فبراير 2020 01:55 مساءً 0 764 0
مدير مستشفى الشعب .. قضية رأي عام
مدير مستشفى الشعب .. قضية رأي عام
مدير مستشفى الشعب .. قضية رأي عام
مدير مستشفى الشعب .. قضية رأي عام

يقلم أماني الأمين

طيلة أيام الثورة المجيدة ظللنا نردد شعارًا يحمل بين طياته كل (العشم) (حرية سلام وعدالة) رددناه وكان يحدونا الأمل وحلو الأمنيات،  لقد سئمنا الظلم والقهر فكانت الثورة خيار للشعب.
قدمنا أرواحًا طاهرة صعدت إلى السماء وتركت الوطن أمانة لنا ونحن لجهلنا  قبلنا الأمانة  .
وقفنا ننتظر قطار الثورة نستقبله من محطة إلى أخرى بالتصفيق والهتافات ونقول إن غدًا لناظره قريب.
نمني النفس بشروق فجر الحرية التي لطالما انتظرناها ولكن هيهات فقد طال الانتظار وما زلنا ننتظر.
الطريق مظلم والرؤية غير واضحة، إلى أين نحن نتجه؟ أين القطار؟ وفي أي محطة يقف الآن؟ من يقوده وإلى أين يسير؟ من يحكمنا الآن؟ وإلى من نرفع مطالبنا؟ من يصدر القرارات الخطأ التي من شأنها تدمير المواطن وإرهاقه، ومن ينفذها؟
بالأمس القريب صدر قرار بحق الجراح العالم الأديب البروف حسام  الدين سليمان نائب مدير مستشفى الشعب يقضي بفصله عن الخدمة.
قرار جائر وظالم وتعسفي ومهين، جاء بدلًا عن تكريمه وتقليده الأوسمة التي يستحقها لعلمه ونجاحه وتفانيه، وهو من صنع مستشفى الشعب من عدم وعمل على تطويرها بكل تجرد وإنسانية ليجعلها  المستشفى الأول الذي لم يطاله فساد.
فسبحان الله، تكريمه أتى بفصله وإهانته، في حين أن المستشفى تستعد للاحتفال بالإنجازات التي كان للبروف حسام الدين الفضل فيها بعد الله سبحانه وتعالى.
والبروف حسام لمن لا يعرفه هو الجراح  الزاهد التقي الأديب العالم الباحث، فخر السودان عالميًا، وهو نصير الضعفاء والفقراء والمساكين، لم يقل في يوم من الأيام إن الحياة مادة كما نسمع هذه العبارة البشعة بكثرة هذه الأيام.
الشاب الخلوق حسام هو فخر العيكورة التي قدمته في طبق من ذهب للإنسانية حتى أصبح كل من يلتقيه يقول له (تسلم البطن الجابتك).
كرس جل وقته للعلم ومجالسة العلماء، وهو بعيد كل البعد عن السياسة والانتماءات الحزبية.
نال أعلى الدرجات من جامعة بيرم الطبية،  إذا أردنا أن نتحدث عن درجات الدكتوراه التي نالها في مسيرة حياته العلمية وعن الزمالة والعضوية والكم الهائل من الأوراق العلمية والمؤتمرات العالمية التي شارك فيها فالحديث يطول.
أما ما يخص الجانب الفقهي من ترجمة الإرث الإسلامي  وأصول  الدين ومعاني القرآن الكريم ومنهج المسلم وغيرها فلن يتسع هذا المقال وإن طال، هذا إضافة للجانب الأدبي، إذ له مؤلفات عديدة  وهو أديب متميز ويعد موسوعة رغم صغر سنه، حفظه الله ورعاه.
ارتكبت وزارة الصحة خطأ لا يغتفر بإقالة البروف حسام من منصبه، وهو الجراح الأول في السودان، وعليها أن تتراجع قبل فوات الأوان، فهو يعتبر وزارة صحة قائمة بذاتها لما يبذله من مجهود طبي خارق وبما اختصه الله به من إغاثة للملهوف والتفاني في العمل والصبر وقوة التحمل وسعة الصدر والروح العالية والإنسانية، فلا غرابة أن علمنا أنه أجرى عدة عمليات حتى بعد سماع خبر إقالته من منصبه وبنفس الروح  الطيبة.
فهو تقي نقي شفيف زاهد، وفوق ذلك خطيب وداعية إلى الله على هدى وبصيرة، وقد أكرمه الله بأن أسلم على يديه جمع غفير من الروس لما وجدوه منه من معاملة حسنة وكلمة طيبة وأخلاق، حيث قدم لهم الإسلام في أبهى صوره.
وهو سفير النوايا الحسنة، شيمته التواضع والإحساس بالضعفاء، لا يبرح المستشفى ليل نهار وأحيانًا ينام في مكتبه حتى يلبي النداء ويغيث الحالات المستعجلة، وهو ليس حصرًا على مستشفى الشعب، يركض إلى كل مستشفى تستغيث به أيًا كان الوقت، غرس الله محبته في قلوب كل العاملين في المستشفى. إذًا لا غرابة أن يجهشوا جميعهم بالبكاء عند سماعهم خبر إقالته ذلك الخبر الجائر البائس  (المنحوس).
قلّ جدًا أن نجد طبيبًا يزهد حتى في فتح عيادة خاصة به بل ويرفض كل العروض والإغراءات التي انهالت عليه من دول الخليج  وغيرها،
وهنا يأتي السؤال الذي يدور الآن في الوسائط هل لدول الجوار الشرير دخل في فصل العالم الجراح البروف حسام من منصبه حتى يكون لهم سهل المنال؟، فقد حفيت أقدامهم بالركض خلفه، وهل هنالك  من قبض ثمن إبعاده حتى يضطره لهجر وطنه لتستفيد منه دولة أخرى؟، ترى من المستفيد من إبعاد البروف وهو يعد ثروة علمية؟
رغم أنني أجهل الجهة المستفيدة فقد اختلط في وطني (الحابل بالنابل)، ولكنني أعلم تمامًا الجهة المتضررة وهي المواطن الكادح  المكافح  الفقير المعدم  الذي هده المرض ولا يجد أمثال حسام.
ولله درك يا وطني المليء بالجراح

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

مسئول أول
المدير العام
مسئول الموقع

شارك وارسل تعليق