الاربعاء, 12 فبراير 2020 03:17 مساءً 0 399 0
اللفة الاخيرة
اللفة الاخيرة

يسرية محمد الحسن

 هيام المغربي عروس السماء تأجل موضوع د. عمر الجزلي إلى حين !!

كانت تقيم مع توأم روحها شقيقتها ليلي  في منزل الاخيره بحي الصفا  بالخرطوم ...بينما اسكن انا بحي الرياض  مع شقيقتي الكبري  شارع النص  بين حي الصفا والرياض  فقط يفرق بين منطقتينا !!.  من اسفل المنزل لم تشأ  ان تصعد الدرج  الي شقتي  اخذت في مناداتي  طليت عليها  من الاعلي ...اتاني صوتها ...انزلي يلا تاخرنا ...!! كان الوقت صباحا  وكنت علي موعد معها  لنذهب الي استوديو الصواف بالخرطوم 2  انا لدي مونتاج لتقرير اخباري لوكاله الاسوشيتد برس  مكتب لندن  لصالح شبكه الاخبار العربيه   بينما هي  موعد الاستوديو معها  لتسلم مبالغ  تخص شركتها  الاعلاميه التي انشاتها  وتديرها  فتحت باب  سيارتها لاجلس جوارها   لمحت حقيبه  سفر في المقعد الخلفي !!ده شنو  ياهيام   المسافر ليكي منو هكذا القيت عليها بسؤالي  لياتيني ردها وهي  منتبهه جدا  للطريق المكتظ بالسيارات  مافي زول مسافر  بعدين بوريك  لما نخلص من الاستوديو ...صمت  وسرح بي الخاطر  عند اخر محادثه لي معها  امس فقد تواعدنا  بعد انتهائنا  من مهمتنا بالاستوديو  ان نتناول غداءنا  في نمره 2    بعدها اذهب  معها  تري الي اين ؟!!...لم تفصح ولم اشا ان اسالها  وصلنا الصواف  صعدت هي الي قسم الحسابات  في الاعلي  ودلفت انا  الي مكتب احمد المبارك  مدير الاستوديو لالقي عليه تحيه الصباح  وجدت بغرفه المونتاج  الزميل مصطفي احمد المصطفي  الرجل الفنان  والبارع  قد اكمل لي عمليه المونتاج  !!!فقد كان  من القلائل  جدا بتلفزيون السودان ممن يجري الابداع في عروقهم  وينفذون مونتاج  اي شئ  وكل شئ  بمهنيه عاليه  رفيعه ولمسات  ابداعيه فنيه مذهله !!! يا الله يا مصطفي  دايما تفاجأني  مفاجاتك  الرائعه هذه  هكذا رددت علي صنيعه  بعد ان شاهدت  التقرير مكتملا  بعد المونتاج وجاء هذا للعرض  استوديو الصواف  يكمل بقيه المهمه  من ارسال التقارير  عبر محطه الاقمار الاصطناعيه  حسب العقد المبرم  بينه والمراسلين  للقنوات  والوكالات  والمحطات  الاعلاميه  الخارجيه خرجت الي الخارج  بعد اطمئناني  علي تسلم  الوكاله  للتقرير  بعد نصف ساعه من الان !! سالت السكرتيره  هيام لسه فوق ؟.. اجابت بنعم  انتظرت علي مقعد بجوارها  في الهول المفضي الي كل الغرف الفنيه  للاستوديو  لحظات  واتت يسبقها عطرها  المميز  الذي اعتادت عليه سنوات  وتجلبه من رحلاتها الخارجيه  مع شقيقتها ليلي  من ارقي وافخم البيوتات العالميه للعطور !! .حقيبه يدها منتفخه  للغايه  بينما تحمل بيديها الاثنتين  ظرفا كبيرا  منتفخا هو الاخر  دقيقه يا يسريه  اسلم علي استاذ احمد  ونمشي  خرجنا ...قالت لي الوكت لسه بدري  علي الغداء  نمشي مشوارنا  الاول وعشان كمان بالمره  نكون جعنا  شديد لما نجي للغداء  جدا.  يلا  بس انتي مودياني ويين ؟!!...ضحكت  !!...لم تشا ان تجيبني ولم اشا ان الح عليها..!!كم كنت احبها  واحب ضحكتها الحلوه  وصوتها الهادئ الرزين  طرق كثيره عرجت اليها  واحياء كذلك  !! عدينا كبري ام درمان  واذكر  ان جل حديثي معها  كان عن  ضروره  ان تبدل طرحتها البيضاء  التي تغطي بها شعرها  حين تقرا الاخبار .غيري ياهيام مره اخضر  ومره بنفسجي  واخري فوشي !!... تهز كتفيها  وتبتسم وشقاوه الاطفال في عينيها انا بنازير.  بوتو ...!!ضحكت.  من اعماق قلبي فقد كنت انا من اطلقت عليها التسميه.  نسبه للشبهه الكبير فعلا بينها ورئيسه وزراء باكستان حينها ضحكت لضحكي مش انتي بتقولي لي كده ؟   وبنازير بتلبس ابيض بس !!!...ومازالت تضحك وبحق  فقد كانت صورتها علي الشاشه  الفضيه تشبهه بناظير ...لكني كنت اتوق  لرؤيه وجهها الصبوح تحفه الوان الربيع !!!اوقفت محرك السياره يلا انزلي  !!يا للهول  ...اين نحن ؟!!!وماهذه الازقه الضيقه جدا  والطرقات المعرجه  والمساكن الايله للسقوط !!!... لم افق من شرود  ذهني حتي كدت ان افتح باب السياره لاحتمي بداخلها !!...عشرات الاطفال البؤساء    من اين اتوا ؟!!!..لا ادري   يصرخون.  هيام جات.  ...هيام جات ...!! منظر لن انساه ماحييت !!... وانا حقيقه ذهلت ثياب رثه  او قل  امثال ممزقه  يرتديها هؤلاء  الاطفال  وهي تحمل هذا.  وتقبل تلك !!!واثنان يجرانها من بلوزتها من الخلف ...وسعاده الكون كله  غطت محياها !!!لم يقترب مني اي طفل !!ربما لانهم لا يعرفونني  ويرونني للمره الاولي   او هكذا ظننت !!!.يلا يايسريه  شيلي الشنطه الورا ...فتحت السياره  وانزلت الحقيبه  الثقيله  بينما هي تحمل  طفلين  من هؤلاء الاطفال علي كتفيها  وتفتح مؤخره سيارتها  ليهجم الاطفال !!!وتفوح رايحه الفواكه !!طرقت باب الصفيح  الذي كان مفتوحا اصلا  لياتي صوت امراه  مشروخ من الداخل منو ادخل ...!!وانا في ذهول  وكاني اشاهد فيلما تراجيديا  يحكي عن بؤساء فيكتور هوجو !!..في روايته الشهيره تلك !!...حملت معها حقيبتها وحاجياتها  لتدخل قبلي  الي المنزل  وما ان تراها صاحبته  حتي انهمر الدمع هطالا من مقلتيها هيام !!!...حبيبه قساي !!.. الليله ما يوم الفرج مالك اتاخرتي المره دي علي  ودخلتا الاثنتان  في عناق وقبلات وبكاء ...!!بينما انا اغالب  مشاعر حزن وفرح ودهشه  ويسيطر  علي اسئ  مبالغ فيه  لحال هؤلاء !!...واين الدوله  ومسئولوها  !! واقارن بين حالنا وهذا البؤس  والفقر والعوز  الذي اراه لاول مره في قلب العاصمه الخرطوم !!.بكيت انا الاخري  لبكاء السيده المسنه  التي كانت تتكئ  علي عنقريب    او قل شبهه عنقريب  بقي من فرشه نسيج حباله  ما يعد علي اصابع اليد الواحده  وهي محشوره في وسطه  وهيام تحتضنها  وكانها تنام علي صدرها  !!...فتحت حقيبه يدها  وهي تعتذر للحاجه عوضيه  بان الشديد القوي  حال دون حضورها في الموعد  كل اول شهر !!...دست مبالغ كثيره في جلباب المراه  بينما تناولت ثلاث اكياس من الحقيبه الكبيره  مكتوب عليها بقلم الشيني ...حاجه عوضيه  واحفادها !!! اصرت السيده ان ننتظر  لتبعث  الي الدكان  تبتاع السكر  والبن لنشرب معها الجبنه    وهي تنظر الي  وتسال هيام دي منو    اول مره تجيبيها معاك !!... ليلي وينا !!...ملا ما جات !!..دي صاحبتي  وحبيبتي يا حجه عوضيه  وهي تطوقني بذراعها  من رقبتي وتطبع قبله علي خدي    وتواصل حديثها    ليلي قالت بتجيك براها  عندها شغل !!اعتذرت هي بشده للسيده  ونال كل طفل قسمته  من الاموال  بينما صوت حاجه عوضيه ياهيام  ماقلت ليك.  ماتخربيهم علي !!...كلها هسي يسووها حلاوات  من الدكان .خليهم يفرحوا يا امي !!هكذا ردت عليها ودعناها  لتدخل بعدها  بيتا.  بيتا  في الحي البائس  وزفه الاطفال  ترافقنا  وكل ما بداخل الحقيبه الكبيره  اكياس ملابس  بها ديباجات مكتوب علي كل واحده منها اسما لاسماء نسوه الحي  واطفالهم المشهد ذاته يتكرر  وبالكربون  مع كل سيده دخلن عليها  بينما يزفنا الاطفال  واياديهم الصغيره المتسخه  تصفق ووجوههم  البريئه  يكسوها  نور الفرح  الغامر بمجئ هيام ...بعضهم ينطق هيام   والاخرون الاصغر سنا  ينطقون اسمها  هنام !!انتهت المهمه كم من الزمن استغرقت.  لا ادري ...فظلال  الامكنه  والبنايات زحفت علي  طرقات وشوارع ام درمان  في عصر ذاك اليوم   بينما التقطت انا ساعتي من جوف حقيبتي لاجدها الرابعه الا ربعا !!!!...غدا نواصل الحلقة الأخيرة.

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

مسئول أول
المدير العام
مسئول الموقع

شارك وارسل تعليق