الاربعاء, 12 فبراير 2020 03:40 مساءً 0 586 0
المتاريس
المتاريس

علاء الدين محمد ابكر

 التردد في اتخاذ القرار

تعدّ عملية صنع القرار واتخاذه واحدة من الإستراتيجيات التي يقوم عليها التفكير، والتي تشمل البحث في عمق المشكلات والمسائل المطروحة وإيجاد الحلول المناسبة لها وإنتاج مفاهيم جديدة.
وتنقسم هذه العمليّة إلى قسمين رئيسين: الأوّل هو تحديد الهدف المنشود بصورة واضحة، والثّاني هو إيجاد جميع الحلول والبدائل التي يُمكن تقبّلها.
تردد السيد حمدوك بعدم مباركة خطوة لقاء البرهان مع رئيس وزراء إسرائيل هو ما أدخل البلاد في فتيل، ألا يعلم السيد حمدوك أن كل شيء يغيظ تجار الدين يسعد المهمشين.
 وأن تلك الخطوة كانت سوف تصب لصالح الشعب، وتعمل على  رفع المعاناة عنهم! عندما تثمر تلك الخطوة برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب خاصة بعد تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للفريق البرهان بالتوسط للإدارة الأمريكية بخصوص ذلك الملف مقابل السماح بمرور الطيران المدني الإسرائيلي عبر الأجواء السودانية والالتزام بسداد رسوم العبور.
يجب الاعتراف بأن السيد حمدوك وجد إقبالًا كبيرًا من الشعب  السوداني، وكان الشعب سيتقبل أي شيء يباركه حمدوك  كما  بارك له من قبل خطوة إرجاع عطلة عيد الميلاد المجيد للإخوة  المسيحيين  التي أوقفها النظام المقبور، فنالت تلك الخطوة  قبولًا من جميع الأحرار الشرفاء بالبلاد وثناءً من كل المجتمع الدولي وهي تدخل في إطار حوار الأديان ومحاربة التطرف، إذن يجب على السيد حمدوك إدراك أنه لن يرضي عنك  الكيزان ولا تجار الدين حتى تقدم استقالتك وتنهار الحكومة المدنية؛ لذلك كان عليك ومن معك في الحرية والتغيير تطبيق معنى التغيير عملًا لا قولًا، ومباركة خطوة البرهان الذي قابل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وإذا كان هناك عتاب بينكم كان يمكن أن يكون داخل المكاتب المغلقة وليس على وسائل الإعلام المختلفة؛ لذلك استغل الكيزان الفرصة بالرغم من أنهم أول من بادر في الماضي بالتقرب من إسرائيل، فقد استغلوا خلافات المكون المدني مع العسكري لبث روح العداء للفترة الانتقالية وزيادة الضغط الاقتصادي على الشعب، فالكيزان متحكمون في الاقتصاد بشكل كامل عبر شبكات يصعب احتواؤها إلا عن طريق التوحد السياسي بين المدنيين والعسكريين ومن ثم اتباع أسلوب الصدمة مع الكيزان والتعامل معهم بالشبهات بعيدًا عن أساليب الطرق القانونية التي تأخذ وقتًا أطول، بمعنى أنه يجب تطبيق الشرعية الثورية فالشرعية الدستورية لم يحن وقتها بعد ويكفي فقط لمصادرة أموال الكيزان أن يحضر أربعة شهود عدول وأداء اليمين أمام القاضي والإدلاء بأن زيد من الناس كان لا يملك شيئًا قبل تاريخ 30 يونيو 1989م ليقوم القاضي بعدها بمصادرة أموال الكوز المتهم.
صارت الحرية والتغيير والسيد حمدوك في نظر الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل مشكوك في أمرهم وغير جديرين بالشراكة معهم بسبب عدم مباركة خطوة التقرب مع إسرائيل ورفض لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فالولايات المتحدة لا تقبل بمن يرفض إسرائيل وتلك هي الحقيقة المرة ويجب قبولها.
في العام 1989 حاول صدام التنمر على  إسرائيل وأطلق نحوها 39 صاروخًا على مدن حيفا وتل أبيب ولكن إسرائيل لم ترد ولكن أتى الرد سنة 2003م، وشاهد الجميع كيف أن الدبابات الأمريكية تجوب شوارع العاصمة العراقية بغداد ردًا على قيام صدام حسين بضرب حليفتها إسرائيل.
لو باركت الحرية والتغيير تلك الخطوة لما حدث ما حدث هذه الأيام من أزمات اقتصادية وأزمات في الخبز والوقود والمواصلات، تلك الأزمات ولدت أعمال احتجاج ومظاهرات تكاد تعصف بالفترة الانتقالية في ظل انعدام الوقود والخبز نتيجة لشح المخزون الإستراتيجي، فالجوع كافر ولا يرحم، وهي ذات الأسباب التي قادت الشارع إلى الثورة على نظام البشير المخلوع إضافة إلى عوامل أخرى. نطرح سؤالًا لماذا نحن في السودان نصر دائمًا على تكرار الأخطاء السياسية؟  
أذكر أنه في عام 1988 قام مولانا محمد عثمان الميرغني راعي الحزب الاتحادي الديمقراطي بمبادرة للسلام مع الراحل الدكتور جون قرنق زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان وكادت أن تنجح ولم يتبق إلا مصادقة البرلمان والجهات الحكومية ولكن تردد السياسيين في حكومة الأحزاب هو ما أضاع الفرصة ومكن حزب الجبهة الإسلامية من القيام بانقلاب عسكري على الديمقراطية في 30 يونيو 1989م.
لا تزال الفرصة مواتية لإنقاذ الموقف وذلك بتغير الوجوه السياسية الحالية للحرية والتغيير والحكومة الانتقالية والتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية وتسليم المخلوع البشير ومن معه من المجرمين في قضايا دارفور إلى العدالة الدولية في لاهاي وتشكيل محكمة خاصة للنظر في جرائم رموز النظام المقبور  وتعديل نصوص القانون التي تمنع الإعدام على من تجاوز سن السبعين عامًا.
وإقرار العلمانية لتكون صفة الدولة السودانية القادمة تشجيع لعملية السلام التي تجري في عاصمة جنوب السودان جوبا.
إقامة وحدة اقتصادية على غرار الاتحاد الأوربي مع دولة جنوب السودان لرفع المعاناة عن شعبي الدولتين.
توقيع اتفاقية تجارية اقتصادية مع المملكة المتحدة التي غادرت الاتحاد الأوروبي والاستفادة من خبراتها في أعمال مشروع الجزيرة من جديد وبقية المشاريع الزراعية الأخرى وتطوير صيد الأسماك في البحر الأحمر ونهر النيل.
والدخول في حوار مباشر مع إسرائيل وبحث كيفية إقامة علاقات دبلوماسية مباشرة معها، حينها سوف تنفتح الأبواب المغلقة أمام البلاد وتتدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتضخ في شريان الاقتصاد الوطني مزيدًا من العافية، لا مناص من ذلك والعاقل طبيب نفسه.
ترس أخير
كنا سعداء عندما صرح الإمام الصادق المهدي بأنه ينوي اعتزال العمل السياسى وإفساح المجال للدماء الشابة لتجديد روح حزب الأمة، ولكن لا زال السيد الإمام الصادق المهدي يواصل التصريحات السياسية واللقاءات،  أين الاعتزال؟

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

مسئول أول
المدير العام
مسئول الموقع

شارك وارسل تعليق

أخبار مشابهة