الأحد, 16 فبراير 2020 02:14 مساءً 0 315 0
النص المفقود
النص المفقود

 الفاتح محمود عوض

الانقلاب العسكري القادم

عجبت لدعوات نسمع بها ونرى الترويج لها عبر الأسافير ومضمونها الدعوة للقوات المسلحة لتسلم السلطة... وهي دعوة مريضة كأنما تدعو الجيش إلى خير... وهي ليست دعوة خير ففيها شر مستطير ولن يكتوي بنارها إلا الجيش هذه المؤسسة العسكرية التي تعتبر من أقوى وأعتى المؤسسات العسكرية إفريقيًا وعربيًا... فقد لعبت دورًا مشهودًا في كل الحروب والمعارك التي خاضتها عربيًا وإفريقيًا... وقبل ذلك كله دورها الوطني في استقلال السودان... الدور الذي تمنته وسعت إليه الكثير من القيادات العسكرية في كثير من الدول التي من حولنا أو تلك التي تبعد عنا.
وعلى المستوى الشخصي كنت مقدمًا لبرنامج (جيشنا) التلفزيوني وشهدت كثيرًا من المواقع والمعارك التي تحمل كل معاني البطولة والرجولة لمقاتلي هذا الجيش العظيم.
الجيش السوداني له شرف حماية هذا الوطن وهو شرف لا يدانيه شرف... وتنال البزة العسكرية احترامًا لدى هذه الأمة التي يتمنى كل بيت فيها أن ينتمي أحد أبنائه للجيش ولهذه المؤسسة الوطنية التي تمثل البوتقة الوحيدة التي ينصهر فيها كل أبناء السودان بقبائلهم المتعددة وسحناتهم المختلفة والمتشابهة.. وهذه لعمري خاصية نادرة قد لا تجدها في كثير من الدول التي تشبه السودان في تكوينه وجغرافيته البشرية.. إذن نحن أمام قلعة بشرية نعتز بها ونفخر.
أغضبتني ولم تسعدني تلك الدعوة سالفة الذكر التي لا يدعو بها حريص على الوطن ومؤسسة الجيش... فهذه المؤسسة لم تشهد الخسران إلا إبان الحكم العسكري... ففي فترة حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقيادة الفريق إبراهيم عبود رحمه الله كانت أولى عمليات الإعدام ونفذت في عدد ليس بالقليل من أبناء الجيش... ومثل إعدامهم صدمة كبيرة للمجتمع السوداني في ذاك الوقت .
ثم كانت فترة الحكم العسكري الثاني بقيادة جعفر نميري التي شهدت إعدامات لعسكريين على فترات وكان آخرها عسكريين تربطهم بنميري أواصر وحبال من الود والأخوة والصداقة... تجعل من أعدامهم أمرًا مستحيلًا.
ثم كانت فترة حكم عمر البشير الذي تخلص وببشاعة من ثمانية وعشرين ضابطًا في شهر رمضان والناس تتهيأ لعيد الفطر المبارك فألبس البلاد والعباد ثوب حداد أسود.
هذا هو حال المؤسسة العسكرية حينما تحكم... فهل هذا ما يريده لها    أصحاب هذه الدعوة المبتورة المعتوهة.
الآن نحن نعيش عقب ثورة انحازت لها بل شاركت فيها المؤسسة العسكرية إيمانًا منها بأن الوعي الذي ساد ربوعنا وبلادنا هو بمثابة موج كاسح لا يمكن مقاومته أو مواجهته... وأن الشعوب ما عادت كشعوب القرن الماضي .
المؤسسة العسكرية السودانية اليوم لها شرف عظيم في مشاركة شعبها ثورته حيث تعتبر أحد أبرز وأندر أحداث بدايات هذا القرن... الآن أضافت القوات المسلحة دورًا جديدًا لدورها الوطني وهو حماية الإرادة الشعبية.. إرادة شعب السودان ..
وهنا أجدني مجترًا لذكريات انتصار الثورة.. بحثت عن كلمات تمنيت أن أسمعها من قياداتنا العسكرية التي انحازت وشاركت في هذه الثورة وهم يعلنون عن دور القوات المسلحة في حماية الوطن... افتقدت نصًا تمنيته (حماية الوطن وحراسة الديمقراطية خيار الشعب) ولتبدأ الكليات العسكرية في وضع المناهج الذي تدعم وتؤصل لهذا المعنى.
في كل عهود الحكم العسكري فقدت المؤسسة العسكرية أعز أبنائها على أيدي أبنائها، في كل العهود الديمقراطية لم تفقد المؤسسة العسكرية عزيزًا عليها.

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

hala ali
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق