الأثنين, 02 مارس 2020 00:05 مساءً 0 710 0
نقـطـــة نـظـام
نقـطـــة نـظـام

 أحمد البلال الطيب

الوفاق الوطني وهذه المبادرة اللافتة للنظر

{ منذ ولوجي للعمل الصحفي احترافا يوم تسلمي لخطاب التعيين الرسمي، الممهور بتوقيع أستاذنا وقدوتنا الراحل إبراهيم عبدالقيوم محمد رئيس تحرير صحيفة الايام  الحكومية وقتها ،فى ظل نظام شمولى قابض ، وكان الخطاب يحمل تاريخ ٢٣ أبريل ١٩٧٧، وكانت الأجواء السياسية محتقنة ومختنقة يومها، والعلاقة بين الحكومة المايوية يومها، والمعارضة ممثلة فى الجبهة الوطنية والتى كانت تضم التيارات السياسية الغالبة بالبلاد، من حزب أمة موحد واتحادى ديمقراطى موحد وإخوان مسلمين شبه موحدين، فى قمة توترها بعد حركة يوليو ٧٦ المسلحة والتى وصلت لقلب العاصمة وكادت أن تطيح بالنظام المايوى.
{كنا يومها شبابا صغار السن، وغير ناضجين مهنيا وسياسيا، وتحيط بنا الكثير من الضغوط ، والمساحات الضيقة جدا فى مجال الحريات العامة عامة، والصحفية خاصة، وعلى المستوى الخاص وبالرغم من انحدارى ، من أسرة  إتحادية وختمية عريقة، حيث كان والدنا  الشيخ الراحل البلال الطيب، من خلفاء الختمية ببورتسودان، وقيادات الحزب الوطنى الديمقراطى ، وكانت تربطه علاقة صداقة قوية ، وتواصل مع الزعيم الخالد إسماعيل  الأزهرى ، طيب الله ثراه، ولكننى إخترت العمل الصحفى المستقل ، منذ ذلك التاريخ ، وحتى اليوم وإلى أن نغادر هذه الفانية.
{ وبدأنا عملنا الصحفى فى المجال السياسى منذ ذلك التاريخ المبكر، بدعم أى توجه نحو الوفاق الوطنى، وحاولنا جاهدين أن نقرب بين أهل السودان من خلال حوارات صحفية أجريناها فى ذلك الزمان الصعب، وعندما طرحت مبادرة المصالحة الوطنية بين نظام مايو وقادة الجبهة الوطنية، إثر لقاء بورتسودان الشهير بين الرئيس الراحل نميرى والزعيم الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة، ورئيس الجبهة الوطنية، قمنا بدعم هذه المصالحة وبلاحدود بالرغم من المعارضة الشديدة التى كانت تجدها من قيادات نافذة بالاتحاد الاشتراكي السوداني الحزب الوحيد الحاكم يومها، وإستدعاني يومها وزير الإعلام واسمعني حديثا  لازلت أتجرع مرارته حتى اليوم، وانتقد إهتمامى بالمصالحة الوطنية، وحواراتي مع قادة المعارضة العائدين.
{ ولكن بالرغم من ذلك لم نغير نهجنا وواصلنا السير فى ذات الاتجاه، لقناعتنا  التامة منذ ذلك اليوم وحتى الآن، انه لا حل لمشاكل السودان الا عبر الوفاق الوطنى، ولكن بكل أسف دائما وفى كل الأنظمة المتعاقبة، يتحول الوفاق لكلمة حق ينفذ بها باطل، ومجرد شعارات فارغة المحتوى والمضمون، لهذا فقدت هذه الكلمة ( الوفاق الوطنى) معناها الحقيقي وأصبح الناس ينظرون اليها بريبة وشك.
{ وعندما أصدرنا هذه الصحيفة عام ١٩٩٤، كانت الأجواء السياسية أيضا خانقة ومحتقنة وأحادية، وكان نظام الإنقاذ لا يقبل أى حديث حول عودة الديمقراطية والحياة الحزبية، وعندما بدأنا ومنذ عددنا الأول الذى أصدرناه
يوم ١٤ أغسطس ١٩٩٤ نتحدث عن الوفاق الوطنى وضرورة عودة الحياة الحزبية، سمعنا ، ما سمعنا، وإبان عهد الإنقاذ كتبت نفس هذا الكلام، وكيف استدعاني قيادي رفيع يومها وأسمعنى حديثا قاسيا حول دعوتنا للوفاق الوطنى وعودة الأحزاب وقال لى ما معناه ، أننى احلم !
{ وتبنينا بهذه الصحيفة الدعوة للوفاق الوطنى وعودة الاحزاب الى ان أصبحت واقعا يمشى بين الناس.
 { أردت بهذه المقدمة ان أؤكد على اننى على المستوى المهنى الشخصى مهموم بكل مايجمع أهل السودان على الحد الأدنى الذى يوحد بينهم، ولا يمكن ان يختلف اثنان وقلنا هذا الحديث مرارا، أن الثورة الحالية هى ثورة حقيقية قادها الشباب وعبرت عن أشواق وآمال وطموحات غالب أهل السودان، ولايمكن ان يختلف اثنان بأن الديمقراطية هى الوسيلة الأنجع والأصوب والأنسب ليحكم أهل السودان أنفسهم بأنفسهم وعبر صناديق الانتخابات، ولا عزل سياسى فى الديمقراطية، الا عبر صناديق الانتخابات والإدانات القضائية.
{  وأننا بهذه الصحيفة مهمومون بكل ما يجمع أهل السودان على كلمة سواء والوصول لوفاق وطنى حقيقي.
{  وقد سعدت جدا وانا أتلقى من الصديق العزيز السيد  نهار عثمان نهار أمس الأول  النص الكامل لمبادرة تحالف  نهضة السودان للوفاق الوطني، تحت شعار  حرية، عدالة، سلام، تنمية.
{ حيث عقد أمس مؤتمر صحفى  حولها ونقوم بنشرها كاملة داخل هذا العدد.
{ وهى مبادرة متكاملة وتشكل  أرضية مناسبة للبناء عليها وصولا لمبادرة  تمهد الأجواء لوفاق وطنى حقيقى مطلوب، ومن المؤسف أن البعض يفسر أى دعوة لوفاق وطنى  على اعتبار انها دعوة للعودة  والتصالح مع الماضى وهذا فهم قاصر، المطلوب وفاق وطنى حقيقى يستند على شعارات الثورة الشعبية  وعلى رأسها الحرية والعدالة، الحرية والعدالة للجميع وعبر القانون والقانون وحده، ولكن من الملاحظ  أن هناك الكثير من شواهد تصفية الحسابات السياسية والشخصية بعيدا عن القانون.
{ نقطة النظام : قلنا ونكرر ولن نمل التكرار، مشاكل الوطن لا يمكن ان تحل الا بتوافق جميع أهل السودان  على كلمة سواء يتوفر فيها الحد الأدنى لتطلعاتهم  بمختلف توجهاتهم السياسية والجهوية.
{ولكن ما نلاحظه الآن  ونتابعه لا يصب أبدا فى هذا الاتجاه ، سواء من الحاكمين أو المعارضين.
ولنا عودة

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

hala ali
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق