الجمعة, 29 مايو 2020 08:30 مساءً 0 272 0
تباشير : تعليم أطفال الشوارع حق وليس منحة
تباشير : تعليم أطفال الشوارع حق وليس منحة
وليد محجوب/........... ............ لفظتهم الحياة وتركتهم على هوامشها، أجبرتهم على الخروج إلى الشوارع للمساهمة في إعالة عوائل لا تملك قطميراً من متاع الدنيا، يسلكون كل السبل الممكنة، حلالها وحرامها من أجل خبزٍ حاف وبعض ما يغيب الوعي عن واقع مر، يعيشون ويعملون في شوارع المدينة، يلتحفون السماء وعتمة المجاري، يحافظون على علاقات قليلة أو معدومة مع عائلاتهم التي تركتهم فريسةً غضة لتقلبات الحياة، تركتهم ليواجهوا لظى الصيف وزمهرير الشتاء وتحرش الأقران، تسكن أرواحهم الهزيمة والغبن، صادقت أجسادهم خشاش الأرض وأدمنت لسعات القمل ودغدغة الأوساخ. مشاهد تتناسل أمام أعيننا لصبيةٍ يجوبون تعرجات المدينة اليوم ،،، وغداً يصبحون مطاريدها، لا نلتفت إليهم، بل لا نراهم إلا إذا فقدنا شيئاً، حينها نتحسس وجودهم ونصب عليهم اللعنات ثم نمضي في طريقنا، نظراتهم تستجدي الحنان وحديثاً مُشتهى، فلا تجد إلا الزجر والعبوس، وربما الإستغلال من ضعاف النفوس، هكذا نصنع منهم قنابل موقوتة ستنفجر يوماً ما في وجوهنا. لكن تجربةً فطيرة في ميدان الإعتصام أوقدت شمعة أنارت حياة هؤلاء الصبية ولو لبرهة، جمع فيها بعض شباب الإعتصام في خيمةٍ صغيرة من جذبته فكرة التغيير من أطفال الشوارع وجاروا المعتصمين، بدأوا تعليمهم القراءة والكتابة، أسعدوا قلوباً بِكْر ما طرق الفرح بابها يوماً، سكنتهم الطمأنينة وأمتلأوا بإحساس العائلة، تمنوا لو طال الإعتصام أبد الدهر ولم يُفَضْ. بإمكاننا تحويل هذه التجربة إلى واقع دائم يحول هؤلاء الصبية إلى طاقات فاعلة تساهم في بناء السودان الذي يراودنا في الأحلام من خلال توفير تعليم نوعي يناسب إحتياجاتهم، والفكرة ليست مستحيلة، هي مدرسة ذات فصول لمن يرغب منهم في الاستمرار في المسار الأكاديمي، وأخرى فنية مدعمة بورش مجهزة في مختلف المجالات لراغبي المسار المهني، بجانب ذلك توفر لهم المدرسة السكن والإعاشة، وحتى تكتمل عملية إعادة تأهيلهم لابد من توفير مرشدين نفسيين مقيمين في داخلية المدرسة يوفروا لهؤلاء الصبية الرعاية النفسية على مدار الساعة حتى يسهل عليهم الإندماج في المجتمع مستقبلاً، ولا ننسى الوحدة الصحية التي توفر لهم الرعاية بجانب التثقيف الصحي لغرس السلوك الصحيح في حياتهم. ولأن الرياضة تشكل ركيزة أساسية في العملية التعليمية لابد من توفير ملاعب لكرة القدم والسلة والطائرة في هذه المدرسة، تكون متنفساً لطاقاتهم ومحفزاً على تعديل السلوك بجانب رعاية المواهب التي سيُبرزها النشاط الرياضي في المدرسة. مثل هذه المدرسة ستكشف لنا عن مقدرات هؤلاء الصبية الأكاديمية والمهنية والفنية والرياضية ما سيدهشنا، وسيخرج من بينهم المعلم والطبيب والمهندس والزراعي والفني ركيزة الإنتاج، كما سيخرج من بينهم من يقود منتخباتنا الرياضية لمنصات التتويج، فتعليم أطفال الشوارع ليس منحةً نتفضل بها عليهم بل حق لهم يجب علينا توفيره.
سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق