الاربعاء, 01 يوليو 2020 11:08 مساءً 0 365 0
تباشير : وليد محجوب
تباشير : وليد محجوب


٣٠ يونيو مليونية الغضب
 

خرجوا كالسيول الهادرة، غطت جموعهم تفاصيل الشوارع فلا تُرَى سوى ملامحهم ولا تُسْمَع سوى هتافاتهم، داويةً أصواتهم أسمعت من به صمم، خرجوا على الرغم من محاذير الكورونا والمخاطر الصحية ليُسمِعوا أصواتهم لكل الساسة على حدٍ سواء.

علت أصواتهم مطالبين بتصحيح المسار، وأرسلوا رسائل واضحة لمن ألقى السمع وهو شهيد، فتحقيق السلام أولوية قصوى، هو المرتكز الرئيس لتحقيق التنمية المستدامة والنهوض بإقتصادٍ متعثر، وقد صدرت الرسالة بوضوح للحكومة والحركات المسلحة أن التسويف ومحاولات إقتسام الكيكة لا يشبه روح الثورة، فإما أن تتحلوا بقيم الثورة وإلا لفظكم الشارع.

وصُوِّبت سهام الرسالة الثانية نحو تحقيق العدالة وإنزال القصاص بالمجرمين، نعم هناك قضايا شائكة تستوجب التريث والتمحيص حتى لا يجد الجناة ثغرةً تقيهم العقاب، لكن بعض القضايا واضحة وضوح الشمس، فلماذا التأخير؟ فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد أن انقلاب في ٣٠ يونيو ٨٩ جربمة مكتملة الأركان ولا تحتاج لكثير عناء للحكم على الجناة، كما أن إعترافات رموز النظام البائد بتوجيه كتائب الظل لقتل المتظاهرين العُزَّل مسجلة في وسائل الإعلام، والإعتراف سيد الأدلة، علاوةً على أن إعدام ضباط ٢٨ رمضان والذين دُفِنَ بعضهم أحياء جريمةٌ حيثياتها وإعترافاتها بين يديكم ،،، كلها جرائم كان يمكن الفصل فيها مما يجعل الثوار وأسر الشهداء يشعرون بالإطمئنان أن القصاص لدماء الشهداء قادم ،،، لكن التلكؤ هنا أرسل إشارات سلبية جعلت قوى الردة تحلم بالعودة لسدة الحكم.

والرسالة الثالثة اهتمت بمعاش الناس الذي يستوجب مراجعة أداء بعض الوزراء وسياساتهم المطبقة، فروح الثورة كانت كفيلة بكبح جماح الدولار وضبط الأسعار لو نزل المسؤولون للشارع وتلمسوا مواطن الداء وأصدروا أوامر ميدانية ببتر الأعضاء الفاسدة، وما زيارة لجنة التفكيك لمصفاة الجيلي ببعيدة، وقفوا على الداء وصرفوا له الدواء فوراً، هذه هي الثورة التي يعرفها الشارع والتي لا ردة عنها.

وأهم رسائل مسيرات الثلاثين من يونيو كانت للزواحف الذين حلموا بخروج الثوار ضد الحكومة الإنتقالية وعودتهم لتصدر المشهد السياسي من جديد، لكن الثوار سددوها قاضية وجعلوا أحلامهم هباءً منثورا، فالشعب يقف حامياً لحكومةٍ إختارها وخرج فقط ليصحح مسارها ،،، وأطلقوها صرخةً داوية ألا تحملكم أحلامكم لأماني لن تبلغوها على أرض السودان ،،، رفعت الأقلام وجفت الصحف.

أما القوى الماسكة العصاة من المنتصف، فقد قالوا لهم سنتجاوزكم إن لم تنحازوا لنا، أنتم هنا لخدمة السودان لا للتنافس على حكمه، ومن يرى غير ذلك فإن هوامش التاريخ ستكتب مخازيه ترجم سعيه كما رجمت نظام البشير من قبل، فلا توجد منطقةٌ وسطى ما بين الثورة والردة.

وآخر الرسائل كانت للعسكر، إن الاصطفاف خلف الشعب واجب، فقوات الشعب المسلحة تحمل في طيات اسمها انتماءً لأهلها، وأن حمايتهم هي من صميم واجبها ،،، وأن انحيازها له يعني الوقوف في وجه كل من يحاول المساس بحقوق شعب السودان، كما أن الالتزام بقوانين الجيش التي تحرم الخوض في السياسة وأعمال التجارة هو إنحياز كامل للشعب وسد لأبواب الفساد التي أغرقت نظام الطاغية البشير.

خرجت الجموع بالأمس مؤكدةً أن الأمر بيدها وأن الويل لمن خالفها، قالوها جهراً أن نماذج من حولنا لن ترى النور عندنا، وأن الردة عن الثورة التي مهروها دماً غالياً مستحيلة، فمن أراد المضي قدماً مع هذا الشعب فمرحباً به من أبا فإن تجاوزه لن يكلف شيئا.

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق