الأثنين, 27 يوليو 2020 04:45 مساءً 0 483 0
همس الخواطر : د.فاطمة عبدالله
همس الخواطر : د.فاطمة عبدالله

أنت كوز ؟
انت كوز  أصبحت الصفة الملازمة لكل من ينتقد الحكومة بحرف .. حتى ولو كنت من مؤيديها قلبا وقالبا .. وحتى إذا كنت ممن لازموا القيادة العامة حتى سقوط الإنقاذ .
أصبحنا نعيش وضع متأزم يحجر على وجهات النظر البناءة التي تريد طرح أفكار تناقش مواطن الخلل ، تتنقد بغية الاصلاح وليس لتعطيل المسيرة .. تنتقد لأن الإنتقاد وطرح الآراء دليل على حرية الدولة المدنية .. التي نادت به الثورة وأفكارها ..
كيف لنا أن نساعد الحكومة الوليدة التي أتت بتحديات كبيرة ، لقيادة بلد مليء بالمشاكل ، مثخن بالجراح ، من غير أن تكون هناك حرية مريحة تمكنك من قول ما تريد من غير أن تتهم بالكوزنة ؟ .
حتى تكون داعما للحكومة ، ليس عليك أن تنتقد سياسة وزير الصحة ، ولا قطوعات الكهرباء ، ولا غلاء الأسعار ، ولا أي من الأزمات التي يعيشها المواطن السوداني حتى لا تتهم بأنك كوز ..
حتى تكون داعما للحكومة وتبعد عن نفسك التهمة الكيزانية عليك أن تبرر لكل الاخفاقات الواضحة والظاهرة للحكومة وتعلقها على الشماعة الكيزانية فتصبح من المخلصين ..
أندهش لمن ظل يحارب الانقاذ وينتقد تضييقها لحرية الرأي ، فما أن أصبح في موقعها حتى أصبح يمارس نفس التضييق على الأفكار والحريات ، ليس بحجرها.. ولكن بكل أنواع التنمر والسباب والإتهامات والأحكام الخاطئة التي تقودها بعض الأقلام.. ووسائل التواصل الاجتماعي ، التي مهمتها الأساسية هي تولي من ينتقد الحكومة بحرف .. دون النظر الى وجاهة الإنتقاد ومنطقيته .. فالمنطق الحالي أنت معي أو ضدي ، ولا ثالث لهما .
بعض الأقلام حاربت الانقاذ حتى سقطت .. والآن أصبحت تتهم بالكوزنة لأنها انتقدت أو قللت من (بعض) انجازات الحكومة .
الأقلام والآراء الصادقة التي تريد مصلحة هذا البلد بغض النظر عمن يحكم لا يمكنها أن تمارس تطبيلا يخرجها عن المهنية والصدق .. لا يمكن للآراء أن تتفق مع الحكام طوال الوقت .. ولا أن تختلف معها كذلك .. وهذا الإختلاف فيه كثير من السعة التي تعطي أبعادا تكون معاونة للقرارات الرشيدة ... فكلما قل النفاق ووضع التعاطف في الحدود المناسبة له .. كلما أمكنت الرؤية الصحيحة للأمور .. فيوضع الإستحسان في محله وكذا الإنتقاد ..
أسلوب الإقصاء والتنمر الذي يمارس على منتقدي الحكومة ليس دليل عافية .. بل دليل على أننا لا نسير على الطريق الصحيح ، فينبغي التفريق بين النقد البناء ، والنقد المفتعل لمعارضي الحكومة .. ولنوقف حملات الإساءات والشتائم وبث الكراهية فهي تعيق التقدم والتنمية ، ولنركز على البناء والمضي قدما للأمام متمثلين قول الفاروق رضي الله عنه : ( لا خير فيكم ان لم تقولوها .. ولا خير فينا ان لم نسمعها ).

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

nadir halfawe
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق