الأثنين, 05 أكتوبر 2020 11:31 صباحًا 0 345 0
البصمة: عندما يتغنى الرؤساء
البصمة: عندما يتغنى الرؤساء

عندما يتغنى الرؤساء ... الفريق البرهان يتجاوز توقيع السلام إلى آفاق الوحدة

بقلم:-علاء الدين محمد عثمان

من جوبا عاصمة جمهورية جنوب السودان تتوالى الأخبار، بسبب توقع اتفاق السلام الذي اعتبر حدثاً تاريخيا، كما جاء في القنوات والأسافير "وقّعت الأطراف السودانية، يوم أول أمس السبت، في عاصمة دولة جنوب السودان جوبا، على الاتفاق النهائي للسلام. ووقع عن وفد الحكومة السودانية نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو  الشهير بحميدتي، وعن "حركة العدل والمساواة" جبريل إبراهيم، وعن "الحركة الشعبية جناح شمال" مالك عقار. بحضور الرؤساء، تشاد وجيبوتي وأثيوبيا، وممثلون عن مصر وقطر والإمارات، والاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة، شهودا وضامنين للاتفاق، رحبت الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، ودول عربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، السبت، بتوقيع أطراف سودانية على اتفاق السلام النهائي، في عاصمة دولة جنوب السودان جوبا.  وأفاد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، عبر حسابه بتويتر، إن توقيع اتفاق السلام "بداية عهد جديد للسودانيين وأن الاتفاق يتطلب التزاما وتعاونا مستمرين من الجميع لضمان التنفيذ الناجح، واعتبر الممثل الأعلى للشؤون الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل، توقيع الاتفاق يوما تاريخيا وتعهد أن يواصل الاتحاد الأوروبي الوقوف بجانب السودان والسودانيين لتنفيذه، وعلى الصعيد العربي، وصف سلطان المريخي، وزير الدولة للشؤون الخارجية القطرية، توقيع الاتفاق بـ"اللحظة التاريخية"، داعيا من لم يشارك فيه من الأطراف السودانية إلى الانضمام لتلك العملية لتحقيق الاستقرار، وإن قطر لم تكن بعيدة عن ملف السلام في السودان، والمرحلة القادمة، هي مرحلة بناء السلام وتطبيق البروتوكولات التي تم التوافق عليها، والتي تحتاج جهدا مماثلا لصناعة السلام" انتهى الاقتباس...

نعم كل ما حدث في حفل التوقيع عادي وطبيعي ومتوقع، أليس الأمر احتفال وعلى الكل أن يكون إيجابياً ومتفائلاً، ولكن الفريق البرهان تفتقت عبقريته حيث أراد أن يضع بصمة على الاحتفال تظل خالدة لا تمحوها رتابة الأيام، فمشهد المنصات وتبادل الملفات والتوقيعات، والمصافحة والمقالدة وتشابك الأيدي والهتافات، كل ذلك مشاهد متكررة لن تبقى في الذاكرة، وربما تغادرها بمجرد مغادرة القاعة أو ساحة الاحتفال.

ولكن من سينسى مشهد رؤساء دول، يتجاوزون قواعد البروتوكول، والمراسم والقيود المفروضة، وينخرطون في ترديد الأهازيج والغناء، لقد كانت لفتة من الفريق البرهان في غاية الذكاء، أن يضع هذه البصمة على الحدث، حيث قالت وسائل الإعلام "لقد عبّر رئيس المجلس السيادي بالسودان، الفريق عبد الفتاح البرهان، بطريقة طريفة عن فرحه لاتفاق السلام بين الأطراف السودانية في عاصمة دولة جنوب السودان جوبا، وطلب البرهان من المنصة الاحتفالية ومن الفرقة الموسيقية عزف نشيد "سوداني بلدنا وكلنا إخوان"، وظهر وهو يردد الأغنية، ويطالب الجمهور بالتفاعل معها" ولم يكتف بذلك بل وذهب بالمايك إلى الرئيس سلفاكير ليردد معه، وقد تجاوب وتجاوب معه كل من في المكان، حتى الخواجات اجتهدوا.

ليس واضحاً حتى الآن إن كان البرهان قد أمسك بهذه الفكرة عفو الخاطر وهو على المنصة، وقد فاجأ بها الجمهور، ومنظمي الحفل والبرنامج المعد للاحتفال، وهذا هو الاحتمال الأغلب، أم أنه فكر في الأمر وأضمره في نفسه ولم يبده لأحد، أم أن الفكرة كانت مطروحة ومتفق عليها. وعلى كل حال كانت لفتة بارعة ميزت حفل التوقيع.

سوداني بليدي وكلنا إكوان ... إياي بليدنا آها

قد يختلف الناس في تقييم الحدث، وقد يستهجنه البعض بأن كيف يخرج رئيس دولة من ويتخلص من القيود ليردد الأهازيج، وهذا لعَمري تفكير سطحي وفي غاية الغباء، فالرئيس في نهاية الأمر إنسان، فالتبسط من غير ما إسفاف يبقى محموداً، ومثل هذا السلوك يجعله أقرب إلى الجماهير .

أما الأمر الذي قد لا يكون قد فطن له أحد، هو أن هذه الأهزوجة قديمة قدم الإذاعة السودانية، ويحفظها جميع السودانيين تقريباً، ويرددونها بلحنها وإيقاعاتها الأفريقية القوية، وهي تتحدث عن الأخوة في الوطن الواحد السودان، وإن أشارت إلي ياي في أقصى شرق الاستوائية، كانت تُردد في اطمئنان شديد أن السودان بلد واحد، من حلفا إلى نملي، ومن قيسان إلى الجنينة، شرقاً وغرباً، جنوباً وشمالاً، قبل أن تفشل النُخب السياسية في إدارة التنوع، حيث يجب ألا يكون هناك تمييز ولا  استعلاء، من حيث العرق والدين والثقافة والموروث، وتأسيس دولة المواطنة حيث الجميع سواسية في الحقوق والواجبات.

هل الفريق البرهان وهو يلتقط هذه الفكرة، ليغني "سوداني بليدي" ويطلب من الجميع أن يردد، قد تجاوز الحدث الماثل، بتوقيع اتفاق السلام، ليرتاد آفاق الوحدة، بين شقي الوطن الذي انشطر، وهل صار يحلم بيوم تعاد فيه الوحدة الموؤدة، ،أم هذا ما أوحت له به القاعة التي فاضت بمن فيها ومن حولها، والسحنة واحدة، اللغة واحدة إن اختلفت اللهجات، أم هو القدر الواحد والمصير الواحد، والمصالح المشتركة.

لابأس، وأياً كانت البواعث التي حدت بالفريق البرهان أن يترنم بأغنية الوحدة في حفل التوقيع، ولكنه قد فتح نافذة يجب أن يكون لها ما بعدها، ولربما كان الحديث عن إعادة الوحدة بين البلدين، حلمٌ خُدَّاج غير ناضج، ومرارات الحرب وذكرياتها لا تزال في خواطر الكثيرين، وآثارها لا تزال ماثلة، ولكن فليكن نوعاً من التحالف الاستراتيجي القائم على المصالح، وإن لم يرتق إلى درجة الوحدة، فليكن نوعاً من الكونفيدرالية.

سعادة الفريق البرهان، وأياً كانت الدوافع كما أسلفت لقد فتحت طريقاً، عليك أن تمشي فيه وتدفع بكل الإمكانات لتحقيقه. "ولي عودة"

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

مشرف عام
كاتب فى صحيفة أخبار اليوم السودانية

شارك وارسل تعليق