الأثنين, 10 فبراير 2020 02:56 مساءً 0 613 0
أيام وليالي
أيام وليالي

شمس الغروب..وتعود بطانا..!

 المنظرُ والحالةُ  قبيل الغروب  في  حلة  كوكو  وتلك الطرق المتفرعة إلى شرق النيل والحاج يوسف والمايقوما.. منظر عجيب..  كتل من الحديد تتحرك في بطء سلحفائي  عجيب..   بشر  يموج في الطرقات والاسواق والميادين.. غبار يشق عنان السماء.. دخان ينبعث من كل مكان يحجب الرؤية.. ناس  ودواب.. أصوات  متداخلة   لعربات وباعة ودواب.. !  تداخلٌ مريع بين العربات والبشر والدواب..فوضى لا مثيل لها يُشارك في صنعها الجميع دون استثناء حتى رجال المرور.. العربات التي تنتظر دورها في محطات الوقود تمتد صفوفها  الى ما لانهاية وتقتسم الشوارع الرئيسية مع العربات المتحركة.. واصحاب العربات  يتركون الشوارع الرئيسية بحثا عن مخارج سريعة داخل  السوق وبين الأحياء بل واعتداء ممنهج على الطريق العكسي  المقابل  ويشكل جزءا من تلك الفوضي العارمة.. معركةٌ طاحنة  كل يوم بلا نهاية بين شروق الشمس وغروبها.. والمشهد ذاته يتكرر في معظم أنحاء العاصمة القومية .. في مدنها الثلاث.. وربما يكون أسوا في مناطق اخرى من العاصمة..!
 اتذكر سورة الفلق.. واقرا  عدة مرات   سور الاخلاص  والمعوذتين..  قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر  غاسق اذا وقب.. وتلك هي اللحظات المعنية  في الاية الكريمة..    ومن شر غاسق اذا وقب ..كلمة الغاسق تعنى الليل والظلمة والوقب تعنى الدخول .. والمعنى من شر اول وقت الليل أو وقت دخوله.. ومن شر  النفاثات في العقد ومن شر حاسد اذا حسد..! وهي لحظات فارقة في  غروب شمس كل يوم.. لحظات قد تحمل شرا لبني  الانسان..  لحظات  تتعاقب فيها  ملائكة  الليل والنهار ويتعاقب  فيها الجن  والشياطين.. وهناك كما نعلم حياة غير منظورة لا نرى  تفاصليها ولكنها معلومة لدينا بلاشك..  عجاجة في السماء تتشكل مع أشعة الشمس الغاربة..   تتداخل الاصواتُ والمرئيات والمحسوسات في تلاقح غريب يدعو للدهشة  المفرطة  وخاصة حينما تكون  أنت جزءا اصيلا من تلك الحشود والكائنات والجماد.. وحين يرتفع صوت المؤذن لاذان المغرب و تلك لحظة فارقة فاصلة بين فترتين و زمنين وحياتين.. ثمة لحظات  فارقة في حياتنا المعجونة بالفوضي وحين لا يكون ثمة مجال للتأمل مع فوضى عارمة وثوانٍ تتدحرج بين نهار كليلٍ  متعب وشمسٍ غاربة  تستاذن للزوال.. وليل يبسط أجنحته في هدوء  غير محسوس.. لحظات مهمة من عمر زماننا وأيامنا قد لانتبه لها أو حتى نعيرها اهتماما.. ولكنها عامرة   بكل التفاصيل المدهشة التي لا ننتبه لها..  في علاقة الكون والشمس والنهار والليل والكائنات وعوالم اخرى خفية من حولنا لاندرك عنها شيئا..  ثم اخرجني من تأملاتي ومتابعاتي تلك اسراب من الطيور تفوق اللالاف قُبيل اذان المغرب بثوانٍ وهي  تدخل في تشكيلات بديعة  منظمة مدهشة  و  تختفي  بين الاشجار الكثيفة بين المحلية و قسم  كهرباء حلة كوكو محدثة اصوات صفير مستمر .. منظر آسر لم ار مثله من قبل.. و مازلت احاول اجاهدا منذ أن رأيته  أن اقتطع وقتا من تلك الايام المزدحمة وارابط قبيل الغروب في ذاك المكان  اراقب واصور عودة تلك الطيور إلى اعشاشها  ولعلها تكون قد عادت جميعها  بطانا ثم  اطعمت زغبها الصغار من رزق الله الواسع  ومن خزائنه  التي لا تنفد.!

 

 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر المحتوى

مسئول أول
المدير العام
مسئول الموقع

شارك وارسل تعليق